اختتام الدورة 17 لمهرجان دكالة للثقافة والفن بتكريم رموز الأغنية التراثية بدكالة

متابعة : نورالدين لماع 

بلاغ صحفي : الدورة ناقشت إشكاليات جمع وتوثيق الأغنية التراثية وسبل حمايتها من الاندثار؛

اختتمت أخيرا فعاليات الدورة السابعة عشرة من مهرجان دكالة للثقافة والفن، التي خصصت هذه السنة 2025 للأغنية التراثية، وسط أجواء فنية وفكرية مميزة احتفت بذاكرة المنطقة وروادها في هذا المجال الإبداعي العريق.

وعرفت هذه الدورة، المنظمة من قبل مؤسسة مازغان للثقافة والإعلام وجمعية الإسماعلية، بشراكة مع مديرية الثقافة بالجديدة، ومؤسسة عبد الواحد القادري، وبتنسيق مع مركز عيون ثقافية للدراسات والأبحاث والنشر، الاحتفاء بتجربة الفنان بوشعيب الجديدي، أحد الأسماء البارزة في المشهد الموسيقي الدكالي، عرفانا بعطائه وإسهاماته القيمة في الحفاظ على خصوصيات الأغنية التراثية المحلية وتجديدها، كما تم استحضار الإرث الفني للراحلة فاطنة بنت الحسين، أيقونة العيطة، التي شكلت صوتا نسائيا مميزا في ذاكرة الموسيقى الشعبية المغربية.

وتميز برنامج المهرجان بتنظيم ندوة فكرية رفيعة المستوى تحت عنوان : “الأغنية التراثية من الشفوي إلى التوثيق”. وشهدت الندوة مشاركة نخبة من الأساتذة الجامعيين، والباحثين، والفنانين، والمهتمين، ويتعلق الأمر بكل من الدكتورة ماجدة بنحيون، أستاذة التعليم العالي، والأستاذ ادريس المرابط، مهتم بالتراث، والأستاذة منية خديري، باحثة في سلك الماستر، والأستاذ عزيز الساخي، فنان وأستاذ باحث، والدكتور عبد البر نصوح، باحث في القانون العام، والدكتور عبد العزيز بنار بجامعة شعيب الدكالي بالجديدة.

وناقش المتدخلون إشكاليات جمع وتوثيق الأغنية التراثية، وسبل حمايتها من الاندثار، إضافة إلى آليات إدماجها ضمن السياسات الثقافية الوطنية والبرامج التربوية. كما اعتبروا أن الأغنية الشعبية المغربية ليست مجرد فن فولكلوري، بل تمثل نظاما رمزيا يعكس البنية الاجتماعية والثقافية للمجتمع المغربي.

وخلصت الندوة إلى ضرورة إحداث أرشيف جهوي رقمي خاص بالأغنية التراثية لتوثيق المتن الغنائي المحلي، وتشجيع البحث الأكاديمي في مجال الموسيقى التراثية وتحفيز الأطروحات الجامعية التي تشتغل على العيطة وأشكال الغناء الشعبي، مع إشراك الفنانين والفاعلين المحليين في عمليات التوثيق والتصنيف باعتبارهم حاملي الذاكرة الشفوية، وتعزيز حضور الأغنية التراثية في الفضاءات التربوية والإعلامية كوسيلة لصون الهوية الثقافية، والاهتمام بالأبعاد الجمالية والتربوية لهذا الفن باعتباره حاملا لقيم جماعية وتاريخ مشترك.

وتخللت الندوة الفكرية توقيع كتاب “رواد الموسيقى بدكالة” لمؤلفه الكاتب والإعلامي أحمد ذو الرشاد، الذي يرصد فيه مسار عدد من الفنانين والموسيقيين بمنطقة دكالة، جمعوا بين العزف على أكثر من آلة موسيقية وبرعوا في أداء أغان عصرية وشعبية وتراثية.

وتميز المهرجان بعروض فنية جسدت الارتباط الوثيق بين الفن والجمهور المحلي، بمشاركة كل من الأستاذ الفنان حمزة البوخليفي في فن الملحون، ومجموعة جيل العيطة، والفنان عبد الله لمغاري، والفنان مصطفى الجديدي.

وعبر الفنان بوشعيب الجديدي عن سعادته الكبيرة بهذا التكريم، مؤكدا أن “هذا الاعتراف يعني لي الكثير، لأنه يأتي من تربة الفن التي أنتمي إليها، كما أنه يأتي لأول مرة في مسقط رأسي الجديدة، ويحفزني على مواصلة العمل من أجل صون الأغنية التراثية وإيصالها للأجيال الجديدة”.

وأوضح رئيس المهرجان بوشعيب نفساوي أن الدورة الحالية شكلت لحظة تأمل جماعي في مصير الأغنية التراثية، وأكدت أن التثمين لا يمر فقط عبر العروض الفنية، بل من خلال الحوار المعرفي الجاد وتوثيق الذاكرة المحلية. “وهذا ما نسعى إليه في مهرجان دكالة الذي اختار أن يكون وفيا لروح المنطقة ولمن أسهموا في تشكيل هويتها الفنية”.

ويأتي هذا المهرجان تأكيدا على أهمية مواصلة الجهود الرامية إلى تثمين الموروث الثقافي اللامادي، وتكريس الثقافة والفن كرافعتين للتنمية الجهوية المستدامة.