أخبار وطنية

خالد العلمي ينتخب بالإجماع على رأس الكونفدرالية الديمقراطية للشغل

في ساعة متأخرة من ليلة السبت 29 نونبر 2025، تم انتخاب خالد العلمي لهوير كاتبا عاما لنقابة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بإجماع المشاركين والمشاركات في المؤتمر الوطني السابع لهذه المركزية النقابية المنعقد ايام 28/29/30 نونبر بمركز الشباب والطفولة بوزنيقة.

ويعد خالد العلمي ثالث كاتب عام يقود نقابة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بعد محمد نوبير الأموي وعبد القادر الزاير،وهو من الجيل الثاني الذي التحق بالعمل النقابي نهاية الثمانينات بمدينة الجديدة بعد عودته من فرنسا حيث كان يتابع دراساته هناك،وهكذا وبعد حصوله على شهادة عليا في المجال التدبيري و التقني،التحق مباشرة بالعمل في مركبات المكتب الشريف الفوسفاط بالجرف الاصفر،حيث ساهم إلى جانب عدد من العمال والأطر الشابة آنذاك في تأسيس النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط،بالرغم من المضايقات والتهديدات التي كانت قد بلغت أوجها في تلك الحقبة المظلمة من سنوات الرصاص،حيث قاد بعدها العديد من الإضرابات التي كادت أن توقف عملية الإنتاج بهذا المجمع الفوسفاطي الناشئ في بداية التسعينات،فقد كان فرع الجديدة من الفروع النقابية المتمردة التي تطلبت باستمرار تدخل وحضور الفقيد الأموي إلى مدينة الجديدة للاجتماع بأعضائه ومناقشتهم حول تدبير معاركهم النضالية.

خلال هذه الفترة تعرض العلمي للعديد من التهديدات والإغراءات لثنيه عن مواصلة مساره النضالي داخل الكونفدرالية،خاصة وان وضعه المهني كأحد الأطر العليا بالمكتب الشريف الفوسفاط يؤهله للذهاب بعيدا في الترقي والحصول على العديد من المزايا المادية، كما هو الشأن بالنسبة للفيلات ذات المساحات الشاسعة التي كانت توزع حينها على الأطر الفوسفاطية بحي بلاطو الراقي بمدينة الجديدة،حيث استمر يقيم بشقة عادية بالحي العمالي السعادة إلى جانب عدد من رفاقه مؤسسي فرع الجديدة، وذلك قبل انتقاله للإقامة بمدينة الدارالبيضاء نهاية التسعينات، وهي الفترة التي سينهض فيها بدور مهم ومحوري في إعادة بناء النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط بعد انسحاب الكافوني ومجموعته بإيعاز من جماعة اليازغي وفشلهم في تقويض نقابة الفوسفاط ،حيث عرفت هذه الاخيرة تحت قيادته تحولات مهمة على المستويين التنظيمي والنضالي واستطاعت تصدر المشهد النقابي خلال مختلف الاستحقاقات الخاصة بانتخاب ممثلي العمال وكذا مناديب الصحة والسلامة وبلورة العديد من ملفاتها المطلبية إلى حيز الوجود.

مجال آخر سيتألق فيه نجم خالد العلمي ويبرز فيه كأحد القادة النقابيين الحكماء،ويتعلق الأمر هنا بمجلس المستشارين حيث سيقود الفريق الكونفدرالي لمدة ستة سنوات، كما سيتعرف عليه حينها الرأي العام الوطني من خلال مداخلاته المركزة والقوية داخل قبة البرلمان وكذا من خلال حضوره ومشاركته في العديد من البرامج الحوارية التي نظمتها القنوات العمومية،كما سيتعرف عليه عبر خرجاته الصحفية التي كانت تعقب جلسات الحوار الاجتماعي مع الحكومة.

لكن يبقى المثير في صعود العلمي لهوير إلى قيادة الكونفدرالية هو انتخابه بالاجماع، حيث لم يتقدم أي مؤتمر لمنافسته بالرغم من أن المجال كان مفتوحا أمام جميع المشاركين والمشاركات لتقديم ترشيحاتهم، حيث انتظرت رئاسة المؤتمر مدة مهمة من الزمن كي تتيح للراغبين في الترشح التقدم بترشيحاتهم،لكي يتم في الاخير التصويت العلني وبالإجماع على انتخاب خالد العلمي كاتبا عاما للكونفدرالية الديمقراطية للشغل،وتعود اسباب وبواعث هذا الإجماع الذي حظي به العلمي إلى مساره النضالي كقيادي نقابي محبوب داخل أوساط الكونفدرالية، سواء لدى الشباب أو لدى باقي الفئات العمرية والقطاعات المهنية والفصائل الحزبية والسياسية العاملة داخل صفوف هذه المركزية،هذا المسار الذي امتد لأكثر من أربعة عقود،منح لهذا القيادي الشاب مكانة خاصة داخل المركزية،وذلك بالنظر إلى نزاهته المادية والفكرية وكذا تدخلاته الحكيمة في فض النزاعات وتجاوز المشاكل التنظيمية التي قد تطرأ في بعض القطاعات المهنية،يقول رفاقه الذي جاوروه طيلة هذه الفترة بأن طبعه الهادئ وقدرته الفائقة على ضبط أعصابه وعدم الانجرار نحو الانفعال والرد بالمثل على محاولات استفزازه وكذا صرامته المنهجية في التعامل،ساهمت بشكل كبير في تجاوز العديد من المحن و المشاكل النقابية،ولهذا السبب ينعتونه داخل الكونفدرالية بالقوة الهادئة la force tranquille .

من جانب آخر شهدت فضاءات المؤتمر نقاشات قوية وحادة همت مختلف الوثائق والتقارير المقدمة للمؤتمرين،وامتدت إلى حدود الساعات الأولى من صباحات يومي السبت والاحد،كما تميزت المداخلات بالحضور القوي والمكثف للشباب والنساء،كما عرف المؤتمر بعض لحظات التوتر والتشنج الناتج عن بعض التدخلات المستفزة لهذا الطرف أو ذاك،لكن سرعان ما تعود المياه إلى مجاريها وتستأنف المناقشات بعد تدخل رئاسة المؤتمر لتهدئة الأوضاع .

ختاما تجدر الإشارة إلى الأجواء المؤثرة التي صاحبت توديع الكاتب العام السابق عبدالقادر الزاير ،حيث وقف الجميع لتحيته بالشعارات والهتافات،كما أدمعت عيون الكثير من المشاركين والمشاركات الذين عايشوه في مختلف المحطات والمعارك النقابية، وثمنوا تضحياته ومساره النضالي طيلة أكثر من ستة عقود،انطلاقا من تحصين الكونفدرالية ضد محاولات الانقلاب على الفقيد الأموي من طرف اتباع اليازغي خلال اعتقاله سنوات الثمانينات والتسعينيات،وصولا إلى القيادة الفعلية لنقابة الكونفدرالية،وذلك حينما تدهورت الأوضاع الصحية للمرحوم محمد نوبير الاموي،حيث استمر في تتبع ومواكبة مساره الاستشفائي إلى أن وافاه الاجل المحتوم،حريصا على صيانة كرامة هذا الرمز النقابي و رعاية شؤونه المادية والمعنوية،كما أن الزاير وبحكم ارتباطه الإنساني والنضالي بمعظم الأعضاء والعضوات،قد ساهم بشكل كبير في استرجاع العديد من القطاعات المهنية وكذا إعادة بناء الهياكل التنظيمية الكونفدرالية، سواء على المستوى الوطني،او على صعيد الفروع والاقاليم،كما أولى أهمية كبرى لمسألة التكوين حيث بادر التاسيس مؤسسة عمر بن جلون لتأهيل الأطر النقابية، وكذا تأسيس أكاديمية المهدي بن بركة للدراسات والابحاث،وذلك إلى جانب العمل على الاستمرار الكدش في اصدار العديد من المؤلفات ذات الصلة بالعمل النقابي والنضالي على العموم.

أيضا لعب عبدالقادر الزاير دورا مفصليا في حياة الكونفدرالية،حيث بذل مجهودات كبيرة في الحفاظ على المقر المركزي للنقابة بحي النخيل،فقد تراكمت الديون البنكية التي اقترضتها الكونفدرالية من أجل اقتناء هذا المقر ،وكان هذا الأخير على وشك التعرض للحجز والبيع في المزاد العلني،لولا مبادراته الصارمة في ترشيد النفقات والتمكن في النهاية من تجميع المبلغ المطلوب وتسديد جميع الاقسام البنكية.

تجدر الإشارة في الختام إلى أن العديد من الأطر النقابية قد حاولت بل ألحت في محاولاتها خلال التحضير للمؤتمر الوطني من أجل إقناعه بالاستمرار على رأس الكونفدرالية،لكن رده كان حاسما بهذا الخصوص،بل أنه كان يرد على هذه المحاولات بنوع من الحدة والغضب رغم أنه ظل يتميز بسعة الصدر، والتعامل المرح مع رفاقه في الكونفدرالية.

من جهة أخرى نشير إلى أن الزاير يغادر قيادة الكونفدرالية على نهج رفيقه المرحوم نوبير الأموي “خاوي الوفاض” على مستوى المكاسب المالية،حيث ينهى مساره النقابي وقد تمكن من توفير منزل متواضع من طابقين بحي البرنوصي،حصل عليه في إطار التجزئات التي كانت مخصصة من طرف وزارة الإسكان لرجال التعليم في بداية الثمانينات.

ختاما تجب الإشارة إلى عدد مهم من مخرجات هذا المؤتمر الوطني ونخص بالذكر هنا إنشاء مركز الأموي للتضامن والتعاون النقابي، وكذا احداث منظمات موازية للنساء والشباب ذات هياكل وطنية ومحلية تكون مشتلا للتكوين والتمرس على العمل النقابي وتأهيل الشباب والعنصر النسوي لتحمل المسؤولية داخل هياكل الكونفدرالية،كما تم إحداث وإعادة صياغة مهام العديد من السكرتاريات المتخصصة في مجالات الإعلام، التكوين، التنظيم،العلاقات الدولية،الخبرة والكفاءات،وذلك الى جانب إعادة النظر في الفئات المستهدفة بالعمل النقابي الكونفدرالي وتوسيع مجالها ليشمل ايضا جميع انواع العمل،بمافيه التجار والحرفيين وكذا العاملون ضمن الاقتصاد الغير مهيكل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى