تصريحات لوزير التربية الوطنية تشعل غضبا عارما بعد وصف قدحي

أثارت التصريحات الأخيرة لوزير التربية الوطنية والتعليم الاولي والرياضة موجة استياء عارمة داخل الأوساط التعليمية، بعدما وصفت بأنها مهينة وغير لائقة بحق نساء ورجال التعليم.
فقد شكلت العبارات التي استعملها الوزير خلال لقاء تواصلي للحزب الذي ينتمي إليه صدمة حقيقية لعدد من المتتبعين، خاصة عندما وصف بعض الأساتذة الجدد بـ “المكفسين”، في تعبير اعتبره كثيرون إساءة صريحة تمس سمعة الجسم التربوي بأكمله، في الوقت الذي يتعين فيه على وزارته أن تعمق وتكثف التكوين الأساس والتكوين المستمر لمنتسبيها.
التصريحات انتشرت بسرعة على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتحول إلى موضوع نقاش حاد بين المهتمين بالشأن التعليمي والفاعلين التربويين، حيث اعتبروا أن الوزير عمد إلى استعمال لغة تبخس جهود العاملين في الميدان، وتجاهل الظروف الصعبة التي يشتغل فيها المدرسون، خصوصا في العالم القروي والمناطق الهشة، والتي من المفترض أن تعمل وزارته على تذليلها.
ورأى كثير من الأساتذة أن هذا الخطاب يكشف غياب تقدير حقيقي لما يبذلونه يوميا داخل الفصول الدراسية لمواجهة الخصاص و ضعف البنيات للأقسام والاكتظاظ، ولو أن الأحرى أن تضطلع وزارته بمسؤولياتها إزاء تأهيل المؤسسات التعليمية وتوفير الموارد البشرية وتدبيرها بالشكل الأمثل لمواجهة الاكتظاظ والاقسام المشتركة التي تعد صنيعة إدارة ذات الوزارة ولا يد للأساتذة فيها.
المقطع الذي أثار الجدل لم يقتصر على وصف مهين، بل تضمن أيضا دعوة الأسر القروية إلى “ترحيل دواويرها” نحو مدارس “رائدة” بعيدة، وهو ما اعتبر استخفافا بمعاناة آلاف الأطفال الذين يقطعون مسافات طويلة للوصول إلى مدارس تفتقر أصلا إلى أبسط الشروط التربوية واللوجستية، ولو أن الأجدر بوزارته أن تعمل بجد على تحقيق مبدإ تكافؤ الفرص بين جميع تلاميذ هذا الوطن لا أن يبقى المبدأ مجرد عبارة في شعار.
ومع تصاعد موجة الغضب، سارعت فعاليات تعليمية إلى التعبير عن تذمرها من الطريقة التي حملت بها مسؤولية ضعف جودة التعليم للأساتذة، في حين ظلت الاختلالات البنيوية التي يعرفها القطاع خارج دائرة النقاش، ولو أن الميدان يكشف حقيقة من يتحمل المسؤولية الفعلية.
من جانب آخر، اعتبر مراقبون أن تصريحات الوزير جاءت في ظرف غير مناسب، وفي سياق سياسي يعرف توترا واضحا حول أداء الحكومة في قطاعات اجتماعية حساسة. ولم يخف البعض مخاوفه من أن تؤدي مثل هذه التصريحات إلى مزيد من فقدان الثقة بين الفاعلين التربويين والمؤسسات الرسمية، خاصة في وقت يحتاج فيه القطاع إلى خطاب مسؤول و متوازن و وملم بالتحديات الحقيقية التي يواجهها رجال ونساء التعليم يوميا.
ورغم الجدل الذي أثارته كلمته، لم يصدر عن الوزير أي توضيح أو اعتذار رسمي لحد الآن، ما أبقى النقاش مفتوحا حول حدود المسؤولية السياسية في إطلاق تصريحات تمس فئة تمثل العمود الفقري للمدرسة العمومية وللمجتمع ككل.
وبينما تتواصل ردود الفعل الغاضبة، يترقب الرأي العام كيف ستتفاعل الجهات الوصية مع هذه الأزمة التواصلية، وما إذا كانت ستدفع الوزير إلى مراجعة خطابه أو تقديم توضيحات تنهي هذا الجدل المتصاعد.



