احتجاج : عندما يتحول مجلس جماعة تمارة إلى غرفة تصويت صامتة ومصادرة صوت المعارضة

بقلم: فاطنة أفيد، مستشارة بمجلس بجماعة تمارة عن فيدرالية اليسار الديمقراطي
لم تكن الدورة الاستثنائية اليوم 26نونبر 2025الأخيرة لمجلس جماعة تمارة مجرد دورة ، بل تحوّلت إلى مرآة عاكسة لأزمة عميقة في ممارسة الشان المحلي ، وإلى نموذج صارخ لكيفية تفريغ المؤسسات المنتخبة من أدوارها الدستورية.
لقد وجدت نفسي، بوصفي مستشارة وعضوة في المعارضة، ممنوعة من ممارسة حقي الكامل في التداول والنقاش حول نقاط جدول الأعمال، بما يخالف صراحة الدستور، والقانون التنظيمي 113.14، وأخلاقيات العمل السياسي.
لقد تدخلت فقط في نقطة واحدة، قبل أن تتم مصادرة حقي في مناقشة باقي النقط، وتُغلق مساحات النقاش بشكل قسري، ما اضطرني إلى الانسحاب احتجاجاً على هذا النهج الاستبدادي، الذي لا يمتّ بصلة للمنهجية الديمقراطية ولا لروح المؤسسات التمثيلية.
1. دورة استثنائية… بقواعد استثنائية خارج القانون
منذ بداية الجلسة، بدا واضحاً أن الرئيس وفريقه قرروا تمرير نقط جدول الأعمال دون مناقشة، وبمنطق التصويت بالإجماع المسبق.
المعارضة غائبة قسراً، والرئيس ومحيطه “يصوّتون” وحدهم، في مشهد يُفرغ الاجتماع من معناه.
حتى بعض الوثائق، التي يفترض أن يتوصل بها المستشارون قبل الاجتماع بآجال قانونية، تم تقديمها صباح الدورة، إضافة إلى وثائق محررة بلغة أجنبية غير دستورية، في تجاهل تام لمقتضيات المحكمة الدستورية حول “الرسمية الحصرية للغتين العربية والأمازيغية”.
2. النقطة الأولى: اتفاقية “الرباط مدينة خضراء”… مشروع ضخم بلا معطيات
تدخلت في هذه النقطة وسجلت ثلاث ملاحظات أساسية:
أولاً: مس بصلاحيات المجلس وغياب الشفافية
الاتفاقية قُدمت كمشروع جاهز، دون إشراك المجلس في التصور، ودون دراسة جدوى أو دفتر تحملات. المطلوب منّا التصويت “على العميان”، وهو أمر يمس جوهر الصلاحيات المنصوص عليها في المادة 37 من القانون التنظيمي.
ثانياً: رصد اعتمادات ضخمة بلا عدالة مجالية
أكثر من 21 مليون درهم تُضخ في شارع واحد وساحة واحدة، بينما تعيش أحياء واسعة من تمارة خصاصاً مهولاً في المساحات الخضراء.
هكذا نكرس “تمارة بسرعتين”:
مدينة للواجهة… ومدينة منسية.
ثالثاً: التزامات مالية غامضة دون سقف
لا معطيات تقنية، لا آجال، ولا ضمانات ضد تضخيم الكلفة.
كيف نصادق على مشروع بلا معلومات؟
لهذا طالبت بإرجاع المشروع للجان، وتقديم كل الدراسات، وإدماج جميع الأحياء في رؤية التهيئة.
3. النقطة الثانية: “تأهيل الباعة المتجولين”… أم التحايل لإخفاء ملف الشيكا؟
هنا بلغ التحايل ذروته.
تحت عنوان “إعادة إيواء الباعة المتجولين”، تم إدراج ملف تجار منطقة الشيكا الذين تم ترحيلهم دون تمكينهم من حقهم المشروع في محلاتهم.
وهو حق مكتسب لهم، لا يحتاج إحساناً من أحد ولا تصويتاً من المجلس.
سجلت أربع ملاحظات محورية:
1. غياب الإحصاء والتشخيص يجعل المشروع بلا مشروعية اجتماعية.
2. تغييب الفئة المعنية يعني تكريس الإقصاء.
3. حضور شركة العمران ينقل الملف من بعده الاجتماعي إلى منطق ربحي وانتخابي.
4. تحويل قضية اجتماعية إلى مشروع عقاري يتجاهل الفقر والبطالة والاقتصاد غير المهيكل.
4. النقطة الثالثة: تحويلات مالية خارج القانون
النقطة طُرحت دون أي وثيقة:
لا جداول، لا تبريرات، لا معطيات قبل/بعد.
التحويل ليس إجراءً شكلياً، بل تغيير بنية الميزانية. التصويت دون وثائق هو تصويت غير قانوني وقابل للطعن.
5. ما وقع ليس خطأً عابراً… بل انزلاق خطير
الذي وقع في هذه الدورة يعكس:
• مصادرة صوت المعارضة
• هيمنة الفردانية بدل العمل الجماعي
• دخول مبكر في حملة انتخابية قبل الأوان
• استعمال المجلس لتلميع صورة الرئيس وتحصين موقعه
• إضعاف الشفافية والرقابة
• التلاعب بالملفات الاجتماعية لخدمة أجندات انتخابية
إنها ممارسة تضرب في العمق مصداقية المؤسسات، وتسيء إلى ثقة المواطنين والمواطنات ، وتُعرض قرارات المجلس للطعن والإلغاء.
6. لذلك انسحبت… وهذا موقفي
انسحبت من الدورة لأن:
• المناقشة صودرت.
• الوثائق قُدمت خارج القانون.
• التداول غائب.
• الشفافية منعدمة.
• الرئيس يشتغل بمنطق “أنا ومن معي… والباقي لا صوت لهم”.
المؤسسة التمثيلية ليست ملكاً لأحد، ولا منصة للدعاية الانتخابية المبكرة، ولا غرفة تصويت ميكانيكية لتزكية القرارات.
7. كلمة أخيرة للرأي العام
بوصفي منتخبة، فإن موقفي لا ينبع من خصومة سياسية، بل من دفاع مبدئي عن احترام القانون والدستور، وعن حق الساكنة في مؤسسات شفافة وديمقراطية.
إن استمرار هذه الممارسات يهدد:
• جودة القرار العمومي
• الحكامة الترابية
• العدالة المجالية
• الثقة في الديمقراطية المحلية
سأواصل فضح هذه الانحرافات، والدفاع عن صوت المواطنين، وعن شفافية التدبير، وعن دور المعارضة الذي هو جزء أصيل من الدستور وليس امتيازاً يمنحه الرئيس لمن يشاء.



