من التأخر مستمر إلى انعدام النظافة.. شهادات صادمة تكشف الوجه الحقيقي لشركة باليريا

لم تعد الانتقادات الموجهة لشركة باليريا البحرية مرتبطة بحادث عرضي أو خلل استثنائي، بل تحولت إلى سجل متكرر من الأعطاب والفضائح التي ترافق خدماتها على الخطوط الرابطة بين المغرب وإسبانيا، فمن التأخيرات المتكررة إلى انعدام النظافة وسوء المعاملة، باتت هذه الأخيرة عنوانا للاستهتار بالمسافرين وضربا صارخا لأبسط معايير النقل المحترم.
ركاب الخط الرابط بين طنجة وطريفة، على سبيل المثال، يواجهون بشكل دوري تأخيرات قد تمتد لساعات، دون أي إشعار أو اعتذار رسمي، حيث أن مشاهد عائلات وأطفال ينتظرون في ظروف مزرية داخل الموانئ صارت جزءا من الروتين اليومي، فيما تواصل إدارة الشركة الصمت وكأن الأمر لا يعنيها.
والأدهى أن هذه الخدمة الرديئة تسوق بأثمنة تعد من الأعلى عالميا مقارنة بالمسافة القصيرة المقطوعة، وهو الأمر الذي يضاعف الإحساس بالاستغلال.
غير أن معاناة الركاب لا تتوقف عند المواعيد، فداخل السفن، يواجه المسافرون واقعا مزريا من مرافق غير نظيفة، تجهيزات مهترئة، ودورات مياه تفتقد لأدنى شروط الاستعمال، أما تعامل بعض العاملين فيتسم بالغلظة والتعالي، ليشعر الراكب أنه غير مرحب به، رغم أنه يؤدي مبالغ باهظة مقابل خدمة يفترض أن تحترم كرامته.
شهادات عديدة منشورة على شبكات التواصل الاجتماعي تعزز هذه الصورة القاتمة، حيث يقول مروان، الذي سافر على خط ألميريا–الناظور: “دارت بينا 12 ساعة، وهي قانونيا كتدير غير 7. اضطرينا نديروا البلبلة حتى تدخلوا المسؤولين ورجعوا لينا فلوسنا”، أما جلال فيصف تجربته بكلمات صادمة: “أخنز شريكة.. خرجنا مع الثالثة وصلنا حتى السادسة العشية. لا معاملة لا نقا لا راحة”.
بدوره، يكشف عزيز كيف جمعت الشركة بين رحلتين: “باركو ديال السابعة مع باركو ديال العاشرة.. بلا أي احترام للمسافرين”، فيما يؤكد عبد اللطيف أن بعض الركاب يجبرون على دفع مبالغ إضافية: “قالوا ليا إذا بغيتي تركب مع التاسعة خاصك تزيد 23 يورو.. وإلا استنا حتى الحادية عشرة ديال الليل”.
بينما يحكي محمد العربي: “سافرت معهم ذهابا وإيابا الأسبوع الماضي.. تأخر ساعة في كل رحلة”، في حين يذهب محمد أبعد من ذلك، واصفا الأسعار والمعاملة بالمهينة: “ساعة سفر بـ420 درهم.. أغلى من الطائرة.. والمعاملة من بعض العاملات وكأنك في بيتهم”.
إلى جانب هذه الشهادات، تسجل شكايات متكررة حول ممارسات وصفت بالمستفزة كدمج رحلات مختلفة في واحدة وحشر الركاب بلا تنظيم، فرض مبالغ إضافية بدعوى نفاد المقاعد، وترك أماكن شاغرة في الأقسام المميزة في انتظار من يدفع أكثر، كلها وقائع تكشف سياسة تجارية قائمة على الابتزاز لا على خدمة الزبون.
مقارنة بسيطة مع الشركات المنافسة تفضح حجم الهوة؛ ففي حين يلتزم الآخرون بجداول مضبوطة ويحرصون على خدمة مقبولة، تصر باليريا على تكريس الفوضى والاستهتار كعلامة مسجلة باسمها، وهو ما يجعل اسمها حاضرا أكثر في شكايات المسافرين بدل أن يقترن بالثقة والجودة.
وتطرح هذه الممارسات أسئلة ملحة حول مسؤولية السلطات المغربية والإسبانية. فكيف يسمح باستمرار هذا العبث في خط حيوي ينقل يوميا آلاف الركاب؟ وأين هي آليات الرقابة التي يفترض أن تضمن حقوق المسافرين وتحميهم من الاستغلال الممنهج؟.