أخبار المدينةرياضة

السباق نحو رئاسة العصبة… عندما يصبح الفشل عنوانا للكفاءة!!

 

بدأت عقارب الساعة تدق، معلنة اقتراب موعد الجمع العام الانتخابي لعصبة الشمال لكرة القدم، المرتقب يوم الجمعة 19 شتنبر 2025 بمدينة القصر الكبير، انطلاقة من الساعة الخامسة مساءا، ومع اقتراب هذا الموعد الحاسم والمحسوم، تتكشف فصول مسرحية عبثية، أبطالها ومخرجوها ومنتجوها… هم أنفسهم المتفرجون!

عمر العباس، أحد الوجوه الشابة في المشهد الرياضي المحلي والذي ما يزال يتملس طريقه في عالم تسيير المستديرة، يواصل محاولاته وسفرياته المتكررة لتقديم نفسه كمنافس “جدي” على كرسي رئاسة عصبة الشمال لكرة القدم، فبين توظيف الوسائل المتاحة، وأحيانا غير المتاحة، لا يتردد في الترويج لأحقيته بهذا المنصب، رغم أن الواقع الانتخابي سبق وأن قال كلمته في مناسبات سابقة، حيث سبق له أن ترشح لرئاسة العصبة دون أن ينجح في نيل ثقة الأندية المنضوية تحت لوائها، وهو ما يطرح تساؤلات مشروعة حول ما الذي تغير اليوم؟

للإجابة عن هذا السؤال الجوهري، لا بد من العودة إلى سجل هذا “المرشح الكفؤ”، وتتبع خيوط العلاقة المتوترة التي نسجها مع فرق عصبة الشمال لكرة القدم، علاقة لم تتسم يوما بالدعم أو المواكبة، بل قامت على التعطيل الممنهج والعرقلة المتعمدة، في مشهد يعكس فشل مشروعه الرياضي الشخصي، وحرصه على إفشال كل مبادرة أخرى لا تمر عبر بوابته، وكأنلسان حاله يقول “أنا ومن بعدي الطوفان”.

وقد عزز هذه المقولة بشكل عملي وصريح من خلال تصريحاته السابقة، حين تناول حيثيات ملف منح جماعة طنجة للفرق الرياضية المنضوية تحت لواء العصبة، حيث قدم نفسه بصفته المشرف المباشر على جميع مراحل إعداد هذا الملف، بما في ذلك صياغة اتفاقية الشراكة وتمريرها خلال دورة جماعة طنجة، وكأنه العمدة الفعلي للجماعة وصاحب الأغلبية الحقيقية في المجلس،محملا في ذات السياق مسؤولية عدم توصل الفرق الرياضية بالمنح إلى المساطر والإجراءات الإدارية التي قال إن تنفيذها من اختصاص جهات أخرى، لم يُسمها صراحة، حيث أثارت هذه التصريحات استياء عدد من المستشارين الجماعيين، كما خلفت ردود فعل غاضبة لدى الفرق الرياضية المعنية، التي اعتبرت الأمر تنصلا من المسؤولية وتبريرا غير مقنع للتأخير الحاصل.

وفي هذا السياق، ومنذ أن أنتخب بالمجلس الجماعي ومجلس مقاطعة السواني، لم يكن عمر العباس صوت الأندية المحلية ضمن أولوياته، ولا كانت مصالحها مدرجة على جدول أعماله. على العكس من ذلك تماما، تحولت هذه الفرق التي يفترض أن تكون جزءا من رؤية تنموية متكاملة إلى عبء في نظره، وخصم يجب تحجيمه أو تهميشه بالوسائل المشروعة وغير المشروعة إذا تطلب الأمر ذلك!!

وعوض أن يكون حلقة وصل بين الفرق والمؤسسات، اختار أن يتحول إلى جدار عازل وسد بيروقراطي صلب، ساهم من خلاله في حرمان عدد كبير من الأندية من منحة جماعة طنجة، موجها بوصلتها نحو حساب نادي اتحاد طنجة فقط، وكأن باقي الأندية لا تستحق الحياة، وكأن لسان حاله اتجاه فرق العصبة يقول: “اذهبوا وربكم فقاتلوا”… وكأن هذه الأندية لا تنتمي إلى المدينة والمقاطعة التي يمثلها، ولا تستحق أن تكون طرفا في معادلة التنمية الرياضية.

لكن، هيهات… فرق طنجة المنضوية اليوم تحت لواء العصبة لم تعد كما كانت بالأمس، لم تعد رهينة حسابات سياسوية ضيقة، ولا خزانا انتخابيا يُستدعى عند الحاجة، بل العكس من ذلك تماما، بدأت هذه الأندية تدرك قوتها، وتعيد ترتيب أوراقها، وتبحث عن بدائل لتدبير شؤونها باستقلالية وكرامة، بعيدا عن منطق التبعية والوصاية لأشخاص، والذين ظلوا لسنوات طويلة يخنقون طموحاتها ويجعلونها رهينة لمزاجهم الانتخابي.

الرسالة اليوم واضحة: من فشل في احتضان الفرق في موقع المسؤولية، لا يمكن أن يتحول فجأة إلى “رئيسها” أو “منقذها”. ومن جعل من الإقصاء أداة لتسيير الشأن الرياضي، لا يمكن أن يُمنح مفاتيح العصبة بدعوى “الكفاءة”. فهذه الكلمة، التي تُستهلك كثيرا في الحملات الانتخابية والسياسوية الضيقة، لم تعد تنطلي على أحد… الكفاءة تقاس بالفعل، لا باللافتات والشعارات والجلوس في مكاتب مكيفة امام الكاميرات لبث مصطلحات ومفردات خارج عن سياقها!!!

كما أن عمر العباس، وهو يحمل في يده الأولى قبعة المستشار الجماعي وعضوية اللجنة الاجتماعية والرياضية، وفي يده الثانية عضوية المكتب المسير لنادي اتحاد طنجة، لم يتردد في توظيف هاتين الصفتين لتكريس نفوذ ضيق، حتى لو كان ذلك على حساب الأندية المنضوية تحت لواء عصبة الشمال.

ففي الوقت الذي تنازلت فيه العصبة وأنديتها، بكل روح رياضية ومسؤولية، عن ملعب القرية الرياضية لصالح اتحاد طنجة، حتى يتمكن النادي من خوض مبارياته داخل المدينة وامام جماهيره التواقة لدعمه، كان الرد من العباس وآخرون هو السعي لحرمان نفس الفرق من الاستفادة من ملعب الزياتن 2، متحججا بمبررات واهية، لا هدف من ورائها سوى تضييق الخناق عليها ودفعها إلى الهامش!!

اليوم، يعود نفس الشخص، وقد بدل الخطاب وغير الوجهة محاولا التنصل من كل هذه الأخطاء الكارثية، ليطلب الدعم والمساندة من هذه الأندية ذاتها، ويطلب ودها لنيل رئاستها، اعتقادا منه أن رؤساء هذه الأندية لهم ذاكرة السمكة!

فأي مفارقة هذه؟!

من حرمها من ملعبها، وتجاهل تضحياتها، يعود الآن ليطلب “نجدة الأصوات” من نفس الفرق التي لم يتردد في وضع العراقيل أمامها؟

إنه مشهد عبثي آخر يُضاف إلى فصول هذه المسرحية التي اختلطت فيها السياسة بالرياضة، فانكشفت فصولها ولم تعد تقنع أحدا، فمن لا يحترم ذاكرة الفرق، ولا يعترف بتضحياتها، لا يستحق أن يتحدث باسمها، ولا أن يترأسها.

وتجدر الإشارة إلى أن أندية العصبة، وبغض النظر عن اسم عبد اللطيف العافية الذي يُعد من قيدومي التسيير الرياضي بالجهة والذي تراهن عليه معظم الفرق لتحمل مسؤولية هذه المرحلة، تزخر بكفاءات شابة وأسماء وازنة قادرة على حمل المشعل في المحطات القادمة، والمضي بسفينة كرة القدم الجهوية نحو بر الأمان، غير أن هذه الطاقات ليست مدفوعة برغبة جامحة في تقلد المناصب، ولا تسعى إلى تأجيج الصراعات أو إحياء النعرات الفارغة، بل تنتظر فرصتها بروح مسؤولة، وتقدير كبير لما تم تحقيقه من مكتسبات، في أفق البناء عليها وضمان استمرارية وتطوير قاطرة كرة القدم في الشمال، بما يتلاءم مع تطلعات الفاعلين داخل المنظومة الكروية الجهوية والوطنية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى