المصالحة في عهد جلالة الملك محمد السادس رؤية ملكية لترسيخ العدالة وتعزيز التماسك الوطني

متابعة : نورالدين لماع
يجدد الشعب المغربي اعتزازه وولاءه الصادق لجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، وذالك بمناسبة الذكرى السادسة والعشرين لتربعه على عرش أسلافه الميامين، ويتوقف في هذه اللحظة الوطنية المجيدة عند إحدى الركائز الإنسانية العميقة في المشروع الملكي، وهي المصالحة باعتبارها أفقًا حضاريًا لترسيخ دولة الحق والقانون وتعزيز التماسك الوطني.
لقد اختار جلالة الملك، منذ اعتلائه العرش، أن يجعل من العدالة الانتقالية والمصالحة الشاملة نهجًا استثنائيًا وغير مسبوق في العالم العربي، مكن المغرب من مواجهة ماضيه الحقوقي والسياسي بروح من المسؤولية والجرأة، من خلال إحداث هيئة الإنصاف والمصالحة سنة 2004، كأول آلية رسمية للعدالة الانتقالية في المنطقة.
وقد شكلت هذه الدينامية الملكية رافعة قوية لتعزيز الحقوق والحريات، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وتعويض الضحايا، وفتح باب العودة للمنفيين، في إطار مشروع وطني متكامل يقوم على الإنصاف وجبر الضرر ورد الاعتبار.
كما أن العفو الملكي، في عهد جلالة الملك، لم يكن مجرد إجراء قانوني، بل ممارسة سامية تنبض بقيم الرحمة والتسامح، شملت في عدة مناسبات معتقلين في قضايا سياسية أو إرهابية بعد مراجعات فكرية صادقة، وآخرها خلال عيد الفطر لسنة 2024، حين شمل العفو 18 مستفيدًا عبروا عن نبذهم للتطرف وانخراطهم في قيم الاعتدال.
وقد توج هذا التوجه الراسخ بتوقيع اتفاقية إحداث مركز “مصالحة” بمقر الرابطة المحمدية للعلماء، يوم 2 نونبر 2023، بشراكة مع مؤسسات وطنية، من أجل إعادة إدماج السجناء المدانين في قضايا التطرف، وذلك في إطار مشروع يوازن بين الأمن والرحمة، والحزم والإدماج.
وقد بلغ هذا البرنامج دورته السادسة عشرة، وبلغ عدد المستفيدين منه 364 نزيلاً، ليكون نموذجًا فريدًا في محيطنا الإقليمي والإسلامي، في كيفية التصدي للتطرف بأسلوب الإدماج والتأهيل.
إذ تتابع بعض الهيئات والجمعيات الحقوقية المواطنين باعتزاز هذه المبادرات الرائدة، مؤكدين أن المصالحة في عهد جلالة الملك محمد السادس ليست حدثًا من الماضي، بل ورشًا متواصلًا يتجدد بالصدق والرحمة والرؤية المتبصرة، ويجعل من قيم الإسلام الحنيف ومقام إمارة المؤمنين منطلقًا لبناء مغرب متصالح، آمن، ومتسامح.
وبذلك، يجسد جلالته بحق نموذجًا فريدًا في القيادة، يجعل من الكرامة الإنسانية، والعفو، والتسامح جوهرًا لمشروعه الإصلاحي، وركيزة من ركائز ريادة المغرب في محيطه العربي والإفريقي والدولي.
حفظ الله مولانا أمير المؤمنين، وأدام عزه ونصره، وجعل المغرب دائمًا أرض السلم والرحمة والريادة .