الرباط: إصدار الأحكام في واحدة من أخطر قضايا التلاعب بحوادث السير يهز قطاعي التأمين والمحاماة

الرباط – يوليوز 2025
قضت غرفة الجنح الاستئنافية بمحكمة الاستئناف بالرباط، في وقت متأخر من ليلة الاثنين 14 يوليوز الجاري، بتشديد العقوبات في ملف يعتبر من أخطر قضايا التلاعب بملفات حوادث السير التي عرفها المغرب خلال السنوات الأخيرة.
وقد تم رفع العقوبة السجنية في حق محامية إلى ثلاث سنوات نافذة بعدما سبق الحكم عليها ابتدائيًا بسنتين، كما شملت الأحكام الاستئنافية وسيطا رئيسيا في الملف حكم عليه بثلاث سنوات ونصف حبسا نافذا، فيما أدين متهم ثالث بسنة ونصف حبسا. كما أُيدت باقي الأحكام الصادرة ابتدائيا، والتي طالت طبيبين حكم عليهما بستة أشهر نافذة، إضافة إلى كاتبة المحامية التي أدينت بأربعة أشهر سجنا.
تفجرت خيوط هذه القضية إثر اعترافات أحد الوسطاء المعروف بلقبه في الأوساط الإجرامية، والذي كشف عن شبكة منظمة تضم محامين وأطباء وحراس أمن وسائقي سيارات إسعاف، تنشط في توجيه ضحايا حوادث السير إلى شركاء محددين مقابل عمولات مالية.
التحقيقات التي باشرتها مصالح الشرطة القضائية أبانت عن وجود تدفقات مالية مشبوهة على الحسابات البنكية لأحد المتورطين الرئيسيين، إذ بلغت حوالي 3.8 مليار سنتيم خلال سنتي 2023 و2024، فيما تجاوزت القيمة الإجمالية 8 ملايين درهم مع مطلع سنة 2025،..
وفي خطوة رمزية تحمل دلالات مهنية وأخلاقية، أعلنت هيئة المحامين بالرباط تنصيبها طرفا مدنيا في هذه القضية، معتبرة أن الدفاع عن شرف المهنة وسمعتها يفرض التصدي لأي انزلاق يمس بنزاهة العدالة ويهز ثقة المواطنين فيها. وأكدت الهيئة أن المحاماة ليست غطاء لتصرفات تمس جوهر المهنة وروحها الأخلاقية.
المعطيات الأمنية أظهرت أن عمليات الاحتيال كانت تبدأ فور وقوع الحادث، حيث يستدرج الضحايا من داخل المستشفيات، وتمنح لهم شواهد طبية مزيفة تتضمن نسب عجز مبالغ فيها، تستغل لاحقا لانتزاع تعويضات ضخمة من شركات التأمين.
وجهت للمتورطين في هذه الشبكة تهم ثقيلة، من بينها تكوين عصابة إجرامية، إصدار شواهد طبية كاذبة، التزوير واستعماله، والنصب على شركات التأمين، في قضية كشفت حجم الخلل الذي يمكن أن يعتري قطاعات حيوية تمس الأمن القانوني والاجتماعي للمواطنين.