بالصور….السلطات المحلية بالجديدة تحاصر محتلي الملك العمومي وسط مطالب بتطبيق القانون

بقلم : نورالدين لماع
تشنّ السلطات المحلية اليوم الجمعة 13 يونيو 2025 حملات مكثفة مشتركة بين الملحقات الادارية الأولى والثانية والخامسة، وذلك لتحرير الملك العمومي على مستوى الأزقة والشوارع من الباعة وغيرهم بالخصوص سوق بئر ابراهيم بلالة زهراء التابع ترابيا للملحقة الإدارية الخامسة،
ولم تكن هذه الحملات التي باشرتها السلطات بالجديدة لتخلو من رفض من قبل معنيين للامتثال للقرارات التي جرى اتخاذها في حقهم، بمن فيهم تجار وحرفيون وأصحاب مقاه، في وقت ظلت الإشادة ترافق هذه الحملات نظير تمكينها المواطنين من ملك عمومي كان في ما مضى مُحتلاً .
وعلى النقيض من ذلك لم تكن هذه الحملات لتُرضي بعضا من المارة، إذ اعتبروا أن موضوع تحرير الملك العمومي يحتاج إلى عمل متواصل ومُتصف بالدوام، عوضا عن حملات لحظية وفجائية لا يستمر مفعولها كثيرا قبل أن يعود الملك العمومي إلى حضن الملكية الخاصة مجددا.
في تعليقه على الموضوع قال أحد المواطنين، إنه من المعلوم في الأدبيات القانونية أن الملك العمومي لا يمكن أن يكون محل تفويت أو استغلال دائم إلا بموجب سند قانوني يستوفي الضوابط القانونية المتعلقة بكراء واستغلال الملك العمومي ويبقى دائما مؤقتا ، وشدد المتكلم ؛ يجب على السلطات ان تداوم مثل هذه الحملات ولم لا يوميا إن أرادوا فعلا تحرير الملك العمومي بصفة نهائية ؛ لان هذه الظاهرة لاحتلال الملك العمومي سببها البطالة والفقر ؛ ليتجهوا الى الشارع من أجل البحث عن لقمة العيش باستغلال الملك العمومي “الفراشة” منهم بائعي الخضر وغير ذالك ؛ وهذه مبررات واقعية واقتصادية تزيد من حدة ظاهرة احتلال الملك العمومي، رغم تناقضها الصارخ مع القانون.
وأضاف المتكلم ، أنه في كثير من الأحيان يحضر الطمع في استغلال الملك العمومي من قبل أصحاب المحلات التجارية، إلى درجة تسييج هذا الملك، في إشارة واضحة إلى تملكه بدون سند قانوني أو وجه حق، مشيرا إلى أن تدخل السلطة المحلية من الزاوية القانونية واضح لكونها تحوز الاختصاص في إرجاع هذا الحيز العمومي إلى حالته القانونية بإزالة ما أُقيم أو شُيد فوقه.
وبيّن المتحدث ذاته أن تدخّل السلطة لتحرير الملك العمومي يتم عبر مساطر قانونية ملزمة، بما فيها إنذار المحتل ومنحه أجلا، ثم الانتقال إلى التدخل بالقوة لإزالة الاحتلال الواقع على الملك العمومي، مبرزا أن الدفع بأن السلطات لم تتدخل لمنع هذا الاحتلال منذ الوهلة الأولى يبقى عديم الأساس القانوني، كون الاعتداد يكون من تاريخ علمها بهذا الاحتلال ومباشرتها مسطرة تحرير الملك العمومي.
والمتكلم ذاته عاد ليؤكد ضرورة إعداد مقاربة شاملة وذات بعد جهوي ومحلي تراعي الخصوصيات الاقتصادية والاجتماعية لكل منطقة، من أجل تطبيق القانون بشكل سليم ، بل تطبيق روح القانون وتجاوز نصيته الجامدة ، بالنظر إلى كون هذه الظاهرة تظل نتاجا لعوامل هيكلية.
فقرارات تحرير الملك العمومي ، أن الدولة مدعوة إلى تطبيق القانون بشمولية وليس فقط الاقتصار على الحالات التي تهم الأزقة الضيقة والشوارع ، لأن هنالك شواطئ عمومية محتلة وبنايات خاصة مبنية على أملاك عمومية ، وأن تطبيق القانون بصرامة وبعمومية سيدفع بما لا شك فيه إلى احترامه والانصياع لنصوصه.
وعاد المتحدث ليسجل أن تحرير الملك العمومي يجب أن يكون شاملا ويطال مختلف الفئات ، بما يشمل النافذين إن ثبت كونهم مساهمين في احتلال الملك العقاري الذي يخص الدولة ؛ فالأمر هنا أشبه بعملية تسلسلية ومتراكبة لا تقبل استثناء أيّ كان إن كانت هنالك رغبة في تحقيق النجاعة.
إن إستغلال الملك العمومي من طرف المقاهي والمحلات التجارية ، مما أدى من إستفحال هذه الظاهرة مع السكوت التام للسلطات المحلية على هذا المشكل العمومي ، الشيء الذي أثار غضب المواطنين لمظاهر إستغلال الغير القانوني لها حيث أصبح الوضع لا يطاق وخصوصا في الشوارع الكبرى لمدينة الجديدة ؛ فالمشكلة فاقت كل المعايير يسببها أصحاب المقاهي والمحلات حيث يستحودون على كل المساحات الأرصفة بما فيها كذلك الساحات المخصصة للأطفال ، مما يعرقل حركة الراجلين والمواطنين ويتسبب في حوادث في غنى عنها ، وكذلك إستغلال الأعمدة الإنارة ووضع مزهاريات ضخمة في الملك العمومي بجوانب من المقاهي ، واستغلال المناطق الخضراء وبناء حواجز زجاجية وسياجات حديدية ،مما نجد أكثر من 25 % من الإستغلال الغير المرخص يفوق نسبة الإستغلال المرخص وهذا يجعل الموارد المستخلصة من طرف الجماعة نسبة ضئيلة.
فالرغم الإتاوة القانونية التي تفرضها الجماعة على مستغلي الملك العمومي لكن هناك من يقوم بإستغلاله بشكل عشوائي دون مراعاة المصلحة العامة للمواطنين ، كما أن الملك العمومي الجماعي يخضع للقوانين تكون موضع رخصة لاستغلال المؤقت وليس بصفة دائمة ، كما نجد أن المساحات الغير المرخصة 88 ٪ مقارنة مع المساحات المرخصة 12٪ ، وكذلك الموارد غير قابلة للاستخلاص تتعدى 89٪ وهي نسب تقديرية في ظل الغموض الذي يشوب هذا القطاع ، وهذا ما يجعل السلطات المحلية للدولة أمام معضلة التنافسية للأصحاب المقاهي والمحلات التجارية.
كما يصعب تأطير عام للمشكل لإستغلال الغير القانوني للملك العمومي ، بسبب غياب المراقبة وعدم وجود قانون يضبط هذا المجال وينظمه وفق معايير محددة ، وهذا ما حول الشوارع إلى فوضى وشجع أصحاب المقاهي والمحلات التجارية وإحتلال الأرصفة ، وهذا ما سبب في تطور مشكل الاحتلال العمومي الذي يؤرق بشكل عام المواطنين وبشكل خاص السلطات العمومية، مما جعلها لاتضبط هذا القطاع وذلك لإختلال القوانين ، فيرجع سبب تطور هذا المشكل العمومي للضغوطات الإقتصادية والإجتماعية والمالية سببا في تزايد الرغبة في الإستغلال الممتلكات العامة بشكل غير قانوي بهدف تحقيق الربح السريع ، كما أن ضعف وتقصير في تنفيد القوانين وقصور في مجال تطبيق الرسم ناجمة عن غياب إطار معياري ملائم لإحتلال الملك العمومي وهذا ما أكده (المجلس الأعلى للحسابات في تقريره الصادر سنة 2015)، وكذلك عدم تطبيق الجزاءات بشكل صارم في حالة مقتضيات الترخيص وفق شروط وقواعد الإستغلال والإستهتار بالقوانين.