عيد الأضحى.. غياب الأضحية لا يلغي روح العيد بل هو فرحة وتبادل التهاني

بقلم : نورالدين لماع
عيد الأضحى ليس مجرد شعيرة دينية، بل هو مشهد غني يختلط فيه التعبد بالفرح، وتلتقي فيه القيم الروحية بالعادات الاجتماعية. ففي هذه المناسبة العظيمة، تحضر ذكرى خالدة لتضحية سيدنا إبراهيم عليه السلام، وتجسد الأضحية مظهرًا للطاعة الخالصة لله، لكنها في الوجدان المغربي تتجاوز هذا البعد لتتحول إلى موسم جماعي للفرح، والكرم، وصلة الرحم.
في المغرب، لطالما ارتبط العيد بطقوس خاصة بعد صلاة العيد ، تبدأ بذبح الأضحية وتنتهي بعشرات الأطباق التي تتوالى في البيوت، حيث يتحول “اللحم” من مجرد غذاء إلى حكاية عائلية، تختزلها مشاهد بولفاف ، واللحوم المحمرة ، والقديد ، في جو يسوده الدفء وتزكيه المحبة.
لكن في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها العالم، وبتوجيهات سامية من جلالة الملك محمد السادس نصره الله، دعا جلالته المواطنين إلى التحلي بالحكمة وعدم تحميل أنفسهم فوق طاقتهم. فجاءت دعوته لتعليق ذبح الأضاحي هذا العام، في كثير من البيوت، كخطوة نبيلة تعكس عمق المسؤولية والرأفة الملكية بشعبه، خصوصًا الفئات المتضررة.
ومع ذلك، غياب الأضحية لا يعني غياب العيد، لأن جوهر هذه المناسبة لا يختزل في الذبح، بل في روحها الجامعة، في اللمة العائلية، وفي مشاركة الفرح، وتبادل التهاني، وإحياء صلة الرحم. فحتى من لم يذبح، يحرص على إعداد طبق بسيط، أو مشاركة وجبة رمزية، لأن ما يعطي للأكل قيمته هو مع من نشاركه، لا فقط مكوناته.
وقد جرت العادة أن يضحي أمير المؤمنين، جلالة الملك، نيابة عن الأمة، ما يضفي على هذه الشعيرة بعدها الرمزي الكامل، ويجعل المغزى حاضرًا حتى في غياب الذبيحة عن بعض البيوت. فالعيد شعيرة، نعم، لكنه أيضًا شعور، ورسالة حب، ومناسبة للتراحم والتواصل، لا تكتمل إلا حين يمتد الفرح للجميع.
فلنجعل من هذا العيد محطة لاستعادة القرب، وتجديد المحبة، وإحياء الدفء الإنساني، فـالذبح سنة، لكن الفرح واجب، والتكافل فريضة .