الامتحانات الوطنية لنيل الباكالوريا بين رهبة اللحظة وضغط المحيط الخارجي

مراسلة: مرزوق لحسن
انطلقت صباح يوم الخميس 29 ماي الجاري، اختبارات نيل شهادة الباكالوريا للموسم الدراسي الحالي، وسط أجواء تميزت بالترقب والتوتر، سواء في صفوف التلاميذ أو أوليائهم، وستستمر هذه الامتحانات إلى غاية يوم الأحد 2 يونيو المقبل، لتضع حداً لسنة دراسية مليئة بالتحديات والمجهودات.
وعلى الرغم من التنظيم الجيد والتعبئة الشاملة التي رافقت انطلاق الامتحانات في مختلف مراكز الاختبار، فإن مشهدا لافتا تكرر أمام أبواب جميع المؤسسات التعليمية، حيث حرصت أمهات وأصدقاء المترشحين على البقاء مرابطين لساعات طويلة، في انتظار خروج أبنائهم بعد كل اختبار. هذه الظاهرة، وإن بدت في ظاهرها تعبيرا عن الدعم والمساندة، إلا أنها تشكل مصدرا إضافيا للضغط النفسي على المترشحين، الذين ما إن يخرجون من قاعات الامتحان حتى يمطرهم المنتظرون بسيل من الأسئلة:
“كيف كان الامتحان؟ هل الأسئلة صعبة؟ هل الحراسة كانت مشددة؟”
كما تسبب هذا التجمهر المكثف في ارتباك واضح بحركة السير والجولان أمام مراكز الامتحانات، إذ أقدم عدد كبير من أولياء الأمور وأصدقاء المترشحين على توقيف سياراتهم بشكل عشوائي بالقرب من بوابات المؤسسات التعليمية، مما عرقل حركة المرور وتسبب في اختناقات مرورية خاصة خلال فترات بداية ونهاية الامتحانات.
يقول احد المترشحين : “الضغط يبدأ حين أخرج من القاعة، و لا أشعر به أثناء اجتياز الامتحان، و حين اخرج العديد ينتظرونني ليتحققوا من مدى صعوبته أو سهولته؟؟؟
من جهة أخرى، تداولت وسائل إعلام محلية ومواقع التواصل الاجتماعي مقاطع لتلاميذ يدلون بتصريحات عقب اجتيازهم للمواد، بعضها لم يخل من نبرة سخط على صعوبة الأسئلة، بل واتهامات مبطنة بعدم مراعاة نفسية التلاميذ. واللافت أن بعض هؤلاء المترشحين بدوا وكأنهم كانوا ينتظرون امتحانات “مفصلة على المقاس”، سهلة وسلسة، تخلو من أي تحدّ معرفي.
وقد عبر عدد من الملاحظين والتربويين عن قلقهم من هذا التوجه، معتبرين أن جيلا بأكمله بدأ يعتمد بشكل مفرط على التكنولوجيا في المراجعة والتحصيل، بل وحتى في توقع الحصول على الإجابات السهلة بضغطة زر.
يقول الأستاذ “عبد الكريم.ج”: جيل اليوم يختلف كثيرا عن الأجيال السابقة، التي كانت تسهر الليالي، وتعاني من شح الموارد، لكنها كانت تُدرك أن النجاح لا يأتي بسهولة، وأن الشهادة ثمرة تعب ومثابرة… أما اليوم، فهناك من يظن أن النجاح حق مكتسب، لا يحتاج إلى بذل مجهود كبير.”
وفي مقابل هذه الانتقادات، يرى آخرون أن الضغط النفسي الذي يتعرض له تلاميذ الباكالوريا ليس بالهين، خاصة في ظل نظام تعليمي لا يزال في طور التطوير، وتباين واضح في مستويات التكوين بين المؤسسات العمومية والخاصة.
ورغم كل ذلك، يبقى الأمل معقودا على وعي التلاميذ بجدية المرحلة، وعلى ضرورة التحلي بروح المسؤولية والاعتماد على النفس، بعيدا عن الضغوط الخارجية أو الاتكالية على التقنيات الحديثة، التي رغم أهميتها، لا يمكن أن تعوض الاجتهاد الحقيقي.
وفي انتظار الإعلان عن النتائج بعد أسابيع قليلة، يبقى الهدوء والتركيز هما السلاح الأمثل لعبور هذا الامتحان المصيري بسلام.