أخبار دولية

الجزائر الفرنسية بين عزلة إقليمية وتناقضات السياسة الخارجية

الجزائر الفرنسية بين عزلة إقليمية وتناقضات السياسة الخارجية

تثير السياسة الخارجية الجزائرية العديد من علامات الاستفهام، في وقت تتغنّى فيه السلطة بتاريخٍ مجيد، بينما يعاني الحاضر من عزلة إقليمية خانقة، وخطابات جوفاء لا تحمل سوى الشعارات المكرّرة.

فبدلا من انتهاج دبلوماسية بنّاءة تسعى إلى التعاون والتكامل، تفضّل الجزائر الاصطفاف في معسكر العداء، مستهدفة جيرانها بسياسات هجومية وإعلام تحريضي.

لقد بات واضحا أن الجزائر الفرنسية تسير في اتجاه مغاير لما تفرضه التحديات الإقليمية والدولية، فالمملكة المغربية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، وموريتانيا، وعدد من دول الساحل الإفريقي كمالي، النيجر، وبوركينا فاسو، جميعها وجدت نفسها في مرمى الهجوم السياسي والإعلامي الجزائري، ضمن حملة تعكس اضطرابا داخليا عميقا تسعى السلطة (العسكر) إلى تصديره للخارج.

ولعل الأدهى من ذلك، أن الإعلام الجزائري، الذي يفتقر لأبسط قواعد المهنية، أصبح أداة في يد السلطة، يروّج لأجندات انفصالية ويهاجم كل من يدعم الوحدة الترابية المغربية، في مشهد يفتقر إلى التوازن والاتساق.

فالجزائر، التي تزعم الدفاع عن “حق الشعوب في تقرير مصيرها”، تمارس تدخلا سافرا في شؤون الدول المجاورة، وتوفر الدعم والملاذ لحركات انفصالية تسعى إلى زعزعة استقرار دول مستقلة وذات سيادة.

والمفارقة الأبرز في هذا السياق، تكمن في موقف الجزائر من “جمهورية القبائل”، وهي منطقة ذات هوية ثقافية وتاريخية عريقة، تطالب بتقرير مصيرها، إلا أن النظام العسكري الجزائري يرفض حتى الاعتراف بها، في ازدواجية صارخة تتناقض مع الخطاب الرسمي الموجه نحو الخارج.

علما أن منطقة القبائل كانت كيانا قائما قبل إنشاء الدولة الجزائرية الحديثة التي رسمت حدودها فرنسا سنة 1962، ما يجعل هذا الرفض دليلا إضافيا على أن مبدأ “تقرير المصير” يُوظّف انتقائيا لأغراض سياسية لا أكثر.

وفي ظل هذه السياسة المتخبطة، وجدت الجزائر نفسها محاصرة إقليميا، فاقدة لثقة محيطها، وعاجزة عن لعب دور بنّاء في أي مبادرة جماعية.

ومع تواصل الهجمات الإعلامية ضد دولة الإمارات بسبب موقفها المبدئي من دعم وحدة المغرب الترابية، تتأكد مرة أخرى عزلة الجزائر وفشلها في مواكبة دينامية التعاون التي تشهدها المنطقة.

إن ما تعيشه الجزائر اليوم ليس نتيجة مؤامرة خارجية، كما تروّج له بعض الأصوات، بل هو حصاد طبيعي لنهج سياسي يفتقر إلى الرؤية والتوازن، ويغذّيه خطاب عدائي لا يخدم سوى قوى الانغلاق والتراجع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى