أخبار وطنية

حين ترتكب ج.ريمة بلا عقاب وحين يتحول الضحية إلى متهم بالصبر والصمت

في مدينة يفترض أنها تسعى إلى ترسيخ الأمن الاجتماعي وحماية مواطنيها، وقعت حادثة صادمة تعكس خللا مؤلما في أداء بعض الجهات المسؤولة عن تطبيق القانون. ضحيتها شاب مغربي بسيط، لا يحمل في قلبه سوى طموحات بريئة لمستقبل أفضل، ويعمل بجد إلى جانب والدته في الحجامة، ووالده في وكالة للكتابة العمومية، بينما يواصل دراسته الجامعية بكثير من المثابرة.

فجأة، يجد هذا الشاب نفسه ضحية لاعتداء وحشي نفذته امرأة معروفة في الحي بسلوكها العدواني واعتيادها التسول وافتعال المشاكل. الحادث بدأ حين دخلت هذه السيدة إلى الوكالة مطالبة بالمال، وقوبلت بالرفض نظرا لوجود الزبائن، لتغادر وهي تتوعد بالعودة. ولم تمر سوى لحظات حتى عادت بالفعل، حاملة الحجارة، وشرعت في تكسير واجهة الوكالة والدراجات المتوقفة، قبل أن تنهال على الشاب بضربة عنيفة على رأسه، وتتبِعها باعتداء بآلة حادة (زيزوار) شوهت وجهه وتركته مضرجا في دمائه.

تم نقل الشاب إلى المستشفى، بينما سارع ذووه إلى تقديم شكاية عاجلة للشرطة وفتح محضر رسمي. ورغم مرور أشهر، لا تزال الجانية حرة طليقة، تتجول في الشوارع وحتى أمام مركز الشرطة دون أن تلقى القبض عليها، رغم أنها “مبحوث عنها” رسميا.

الأدهى، أن الشاب، الذي يعيش ظروفا اجتماعية صعبة، بدأ يعاني من اضطرابات نفسية بسبب الإهمال الذي لحق قضيته. وكلما قصد مركز الشرطة بحثا عن الإنصاف، قوبل بالرد ذاته: “لا جديد”. المفارقة المؤلمة أن الشرطة أحالت الملف على الدرك الملكي، بينما صرح الدرك بدوره أن القضية لا تندرج ضمن اختصاصه.

أمام هذا التراخي والتخبط الإداري، طرح الضحية، ومعه أسرته، سؤالا مشروعا: من يحمي المواطن؟ من يحاسب المقصرين؟ أين هي العدالة التي ينشدها هذا الشاب البريء؟

وفي خطوة يائسة قرر الضحية التوجه إلى وكيل الملك بمدينة بنسليمان، ليكتشف أن الشرطة قد أوقفت البحث عن المتهمة منذ 28 يوما دون توقيفها أو تقديمها للعدالة التبرير، كان أن الملف أصبح من اختصاص الدرك الملكي.

وعندما توجه الضحية للدرك، أخبروه بدورهم أن القضية تخص الشرطة. وهكذا، أصبح الشاب وعائلته عالقين بين جهتين…. وهنا يطرح المواطن البسيط سؤاله بكل مرارة: من المسؤول عن هذا التراخي؟ هل الشرطة أم الدرك الملكي؟ وكيف تترك مجرمة حرة طليقة تعبث بأمن الناس وكرامتهم دون رادع؟

اليوم، لم يعد الشاب يطالب سوى بحق بسيط: أن تفعل العدالة، وأن يقدم المعتدي إلى المحاسبة، وأن يشعر المواطن أن هناك مؤسسات فعلا تحميه، لا أن تتركه ضحية لغياب التنسيق والتقصير.

إن القضية لم تعد فقط جرحا في وجه شاب، بل صارت جرحا في الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة. والأمل لا يزال معقودا على صحوة ضمير تعيد للضحية اعتباره قبل أن يتحول إلى رقم جديد في سجل الضحايا المنسيين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى