أخبار دولية

مالي تتهم الجزائر برعاية الإرهاب في المنتظم الدولي 

الجديدة: إبراهيم زباير الزكراوي 

أماطت مالي اللثام عما كان يدور في الكواليس الدبلوماسية سريا، فاتهمت الجزائر علنا برعاية الإرهاب، معمقة عزلة ” نظام العسكر ” الذي يلوح يمينا وشمالا دون أدنى مراعاة لحسن الجوار.

وهكذا خرج الصراع الدائر بين البلدين منذ أشهر ليعلن في المحافل الدولية، واتهام الجزائر رسميا، وأمام أعضاء الأمم المتحدة، برعاية الإرهاب، والتدخل في مالي، بتمويل الانفصاليين، وتسليحهم، وجاء الاتهام على لسان نائب رئيس الوزراء، وزير الدولة المالي، عبد الله مايغا، 

خلال الدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، في شتنبر الماضي، وبلغة واضحة وشديدة، معبرا عن حنق مالي، ونفاذ صبرها على حماقات هذه الدولة المجاورة، وتماديها في استفزاز بلاده، وتهديد استقرارها، بخلق القلاقل، والرعب وسط الماليين، بل وصل الاتهام إلى حد وصف الجزائر بأنها قاعدة خلفية للإرهابيين الذين يسفكون الدماء في بلاده.

ويجدر التنويه إلى أن مايغا يشغل منصب وزير الإدارة الإقليمية واللامركزية أيضا في “تحالف دول الساحل” التي مازالت تعاني من ويلات انتشار جماعات إرهابية ومتطرفة، وبذلك يمكن اعتبار غضبه، غضب كل دول هذا التحالف، ولم يستطع مايغا إخفاء تذمره أمام المجتمع الدولي من التدخلات السافرة للجزائر، التي توفر، المأوى والطعام والسلاح للإرهابيين، تبعا له، بهدف زعزعة استقرار مالي، داعياً مسؤولي الجزائر إلى التوقف عن اعتبار بلاده ولاية جزائرية، مضيفا: ” يبدو أنهما ويعني (عطاف : وزير خارجية الجزائر، وابن جامع مندوب الجزائر بهيئة الأمم المتحدة) يَجهلان تاريخ العلاقات بين الشعبين الشقيقين في مالي والجزائر”، مذكراً إياهما ” بمساهمة مالي الاستثنائية في حرب التحرير الجزائرية، كما أنهما بالتأكيد يجهلان الجغرافيا، حيث يعتبران مالي ولاية جزائرية، وعليهما التوقف عن السير عكس التاريخ”، حسب تعبيره، و “محاولتهما التملصَ من التورط المباشر لبلادهما في الاشتباكات الدامية التي وقعت بين الجيش المالي والمجموعات المتمردة أو الإرهابية في شهريْ يوليوز وغشت الماضيين على الحدود بين البلديْن”.

وتراكم الجزائر خيباتها، وافلاسها الدبلوماسي، بدءا بإلغاء أو إنهاء اتفاق الجزائر (سنة 2015) بخصوص مالي، والذي كانت تلعب فيه الجزائر دور الوساطة، لكن تبين أنها هي المغذية للصراع، والتدخل في الشؤون الداخلية لمالي، وايواء إرهابيين على أراضيها، وتلعب دور المخرب للأمن والسلم في المنطقة برمتها وخصوصا مع جيرانها، مستعملة الإغراءات المالية مستغلة الظروف الاقتصادية لبعض الدول كما فعلت مع تونس قيس سعيد، أو الترهيب تارة أخرى، وهذه المواقف تعبر عن الإفلاس الدبلوماسي للجزائر، ودليل جلي عن عجز نظام العسكر 

في إدارة التناقضات ، ومختلف الأجندات المتواجدة على مستوى المنطقة، ليس فقط في مواجهة مالي التي عاثت فيها فسادا كبيرا خلال السنوات الأخيرة، مستعملة ورقة الوساطة في ملف الطوارق، بل إشارة أيضا إلى أن هذه الأزمة الدبلوماسية قد تشمل روسيا، إذ إن الخلاف مع باماكو قد يُعمّق الأزمة بشكل كبير مع روسيا، خصوصا وأنه كانت هناك إشارات سابقة لغضب روسي من السلطات الجزائرية بحكم تواجد بعض قوات فاغنر فوق التراب المالي.

هذا التراشق بالتصريحات في الأمم المتحدة بين المسؤول المالي ووزير الخارجية الجزائري، يؤكد ما عاناه المغرب منذ نصف قرن مع جارة السوء، وما يقع مع تونس وليبيا ( مطابة تونس ليبيا بترسيم الحدود بين البلدين، دون المطالبة بجزء من صحرائها ضمته الجزائر غصبا ) يبيّن إلى أي حد أن النظام الجزائري يعيش على افتعال المشاكل مع جيرانه، غير مستوعب لاستيعاب المتغيرات الإقليمية، وقد تكون الجزائر ربما 

هي الدولة الوحيدة التي لها مواقف عدائية مع كل جيرانها، آخرها زيارة السفير الجزائري بليبيا لمناطق الأمازيغ واعتبارها ( المناطق ) امتدادا جزائريا، وأن النظام العسكري يتغذى من هاته المشاكل ويحاول كما أكدنا دائما العمل على إلهاء الشعب الجزائري عن حقيقة مشاكله اليومية والمشاكل الداخلية للبلاد.

وبالعودة لواقعة الأمم المتحدة، فالتراشق الكلامي وتبادل “اتهامات بذيئة”، تؤكد بالملموس، وأمام المنتظم الأممي، إفلاس النهج الجزائري وحقيقة نظامه السياسي، وعدم قدرته على التعايش، واستيعاب التغييرات الجيو-سياسية في المحيط الإقليمي، الذي ينشد الأمن والاستقرار، بدل خلق التوترات، وايواء الكيانات الارهابية على حدوده، وتمويلها.

لكن جنرالات الجزائر يسلكون سلوك الفاشيين، ولم يستوعبوا أن عهد الحرب الباردة قد ولى.

الصورة لعبد الله مايغا المالي، ووزير خارجية الجزائر وسفيرها بالأمم المتحدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى