فضيحة جيتسكي وشهادة إسماعيل صنابي تكشف الوجه المظلم للنظام الجزائري
أثارت شهادة المواطن الفرنسي إسماعيل صنابي، الناجي الوحيد من واقعة “الجيتسكي” التي راح ضحيتها اثنان من أصدقائه في المياه الإقليمية الجزائرية على يد القوات العسكرية الجزائرية، غضبا واستنكارا واسعا على المستوى الدولي.
الواقعة التي نشرتها جريدة Le Monde الفرنسية سلطت الضوء على ممارسات وصفت بالوحشية والقمعية من قبل النظام الجزائري وأجهزته الأمنية، مما يعزز الاتهامات القديمة حول سياسات القمع التي ينتهجها منذ عقود.
تعود تفاصيل الحادثة إلى شهر غشت من السنة الماضية، عندما دخل إسماعيل صنابي وأصدقاؤه عن طريق الخطأ إلى المياه الإقليمية الجزائرية أثناء رحلة بحرية على متن دراجات مائية “جيتسكي”. بينما قتل اثنان من أصدقائه برصاص قوات خفر السواحل الجزائرية، تمكن إسماعيل من النجاة ليواجه سلسلة من الانتهاكات المروعة أثناء احتجازه.
في مقابلة مع جريدة Le Monde، سرد إسماعيل تفاصيل ما وصفه بـ”رحلة الجحيم” التي عاشها على يد السلطات الجزائرية، حيث تعرض إسماعيل لتعذيب جسدي ونفسي، بما في ذلك حرق لحيته وغمر رأسه في الماء أثناء الاستجواب.
شمل التعذيب إهانات عنصرية ودينية، تضمنت جلسات التحقيق أسئلة مهينة مثل “هل أنت يهودي؟” و”لماذا تنطق بالشهادتين، هل أنت مسلم؟”، في استجواب يعكس عقلية سلطات قمعية للجزائر والتي لا تحترم حقوق الإنسان.
كما فرضت غرامة باهظة وابتزاز، إذ أُجبر إسماعيل على دفع غرامة مالية قدرها 100 ألف يورو، وهو مبلغ اضطر لاقتراضه من أجل الإفراج عنه والسماح له بالعودة إلى فرنسا. كما تم تهديده بأن تتعرض عائلة زوجته الجزائرية للأذى في حال كشف تفاصيل ما تعرض له.
أجبرت السلطات الجزائرية إسماعيل على مشاهدة صورة صديقه المتوفى، وقد ظهرت على جسده آثار الطلقات النارية، في محاولة لكسر إرادته وإذلاله.
تسببت هذه الشهادة في موجة استنكار على المستويين السياسي والحقوقي، حيث دعت جهات حقوقية وسياسية في فرنسا إلى فتح تحقيق دولي حول الواقعة ومحاسبة المتورطين.
و وصفت منظمات حقوق الإنسان الحادثة بأنها “جريمة ضد الإنسانية”، ودعت إلى تسليط الضوء على ممارسات النظام الجزائري القمعية.
أثارت القصة استياء واسعا، واعتبرت دليلا جديدا على تصرفات النظام العسكري الجزائري، الذي يتهمه معارضوه منذ سنوات بانتهاج سياسات قمعية وإرهابية تجاه مواطنيه والأجانب.
لطالما وجهت اتهامات للنظام الجزائري باستخدام العنف المفرط والتعذيب كوسيلة لترهيب خصومه والسيطرة على الشعب. الحراك الشعبي الذي انطلق في 2019 رفع شعار “دولة مدنية لا عسكرية” و”مخابرات إرهابية”، وهي شعارات تعكس السخط الشعبي على ممارسات الأجهزة الأمنية والعسكرية.
واقعة “الجيتسكي” وشهادة إسماعيل صنابي ليست مجرد حادثة معزولة، بل هي حلقة جديدة في سلسلة طويلة من الانتهاكات التي يتهم بها النظام الجزائري منذ الاستقلال.
هذه الممارسات تدعو إلى تدخل دولي لمساءلة السلطات الجزائرية ووضع حد لسياسات القمع التي تتجاوز الحدود الجغرافية للدولة.