تقديم وتوقيع رواية الباشادور لحسن أوريد بالجديدة

مراسلة: إبراهيم زباير الزكراوي
احتضن المركب الثقافي، عبد الواحد القادري بالجدية حفل تقديم وتوقيع رواية ” الباشادور ” للمفكر والأديب حسن أوريد الذي تفاعل مع الحضور الكثيف والنوعي بعد تقديمه من قبل الأستاذ أبو طالب لمتوب.
في مستهل عرضه، عبر الأستاذ أوريد عن سعادته بالحضور في الجديدة، وفي مؤسسة عبد الواحد القادري، وأبى إلا أن يقدم شهادة في حق عضو من آل القادري، فسرد وقائع عاشها لما كان ناطقا رسميا باسم القصر، حيث تعرف على هذا العضو، والذي لم يكن سوى المرحوم عبد الحق القادري، فخلال زيارة للرئيس الصيني لبلادنا، تكلف كاتبنا بإقامة حفل عشاء على شرف ضيف المغرب بقصر مرشان، وكان الراحل القادري حاضرا، وحدث أن كان هناك تجاذب لأطراف الحديث، ففاه بعبارة:” أبى من أبى ،وكره من كره”.
يقول أوريد:”رافقني في عدة أسفار لما كنت ناطقا رسميا باسم القصر ( … )، كان لديه حكم مسبق اتجاهي، لكن ما انفك ليتحول إلى محبة فيما بعد (…)،
كان وطنيا ليس لأنه كان ضابطا بل لأنه ترعرع في وسط وطني”.
بعد ذلك توسع في موضوع الحفل/ النشاط، حيث شرح كيفية أو طريقة إنجاز أعماله:” كنت أتردد قبل الكتابة لأقوم ب Repirage، المعاينة”، وأقر بأن في كل أعماله نجد العلاقة بين التاريخ والرواية، وخصوصا رواية ” الباشادور “، معرجا على أهمية التاريخ، مستشهدا باهتمام المغاربة بالتاريخ، وضاربا أمثلة بالأطروحات والدراسات التي عرفت طفرة نوعية أفردت جوانب للتاريخ، وصلت حتى ” السوشيال ميديا ” أو ما يطلق عليه، وسائل التواصل الاجتماعي، مستدركا بأن الرواية التي تصور المجتمع، فهي ليست عملا سوسيولوجيا، بل هو تركيز على جوانب مجتمعية لضبط مفاصل المجتمع.
وتحدث عن شخصية أبو القاسم الزياني، وهي شخصية حقيقية، من محيط المخزن، بل تقلدت مناصب عدة، وعاصر ثلاث ملوك، وشاهد على بداية الحركة الوهابية، والظروف وضعته ليعيش لحظات مفصلية، منها صدامات مع المخزن، بل تقلد في عهد السلطان محمد بن عبد الله عدة مناصب، كاتب، فعالم، ثم عامل، إلى سفير، إلى ما يمكن أن يشبه وزير الداخلية، وصولا إلى السجن، ثم العودة إلى حضن المخزن عند تولي المولى سليمان الحكم في ثوب حاجب لدى السلطان، وأسعفت الظروف أبو القاسم الزياني ليعيش عدة تقلبات.
وعن اختيار قصة الزياني، طرح الروائي حسن أوريد، المطابقة بينه وبين الزياني وتردد كثيرا عن إخراج المشروع الذي دام أكثر من عشر سنوات، مستحضرا تجربته الرسمية( ناطق رسمي باسم القصر، مؤرخ للمملكة، ثم وال على مكناس تافيلالت )، وظل المشروع يخامره إلى غاية 2019، وتعرض لنوبة صحية، لكنه أصر على إتمامه، مستحضرا أن العمل الغير مكتمل، ليس عملا، ولو أنجز بنسبة 95 في المائة.
وتطرق إلى إقحام الملحون، بل استنجد به، بالوقوف على الجوانب الاجتماعية، ضاربا المثل بقصيدة ” الحراز ” التي أنتجها الجيلالي مندر.
وفسح المجال لعدة مداخلات، فكانت الردود ، نلخصها في:
*اشمئزاز المؤلف من التطرق لمنصبه الرسمي، حيث اعتبر المنصب، لقبا بدون وظيفة، ولن يغير المنصب شيئا في قناعاته.
* من غير المعقول أن أتحدث عن الزياني الذي عاش قبل قرنين من الآن، ولا أتحدث عن أشياء عشتها، وعاصرتها، سيأتي الوقت المناسب الذي سأتحدث فيه عن ذلك.
* من الأخطاء الكبرى في السياسة، أن تكون مصيبا قبل الأوان. ( الواقع أصدق من الكتب كما قال أبو تمام ).
* لا أتنكر لماضي، ولكنني أعيش حاضري، أنا أستاذ، ليس لدي حنين للماضي، أنا لست فلانا سابقا.
* هذه الرواية، أقل أعمالي، روائيا، لأنني أقحمت فيها كثير من الأشياء بعيدة عن الأدب، ولكنها غنية بجوانب اجتماعية، وحقيقية، واقعية.
* السباعي، كان مضايقا من قبل السلطان مولاي عبد الله.
وروى حسن أوريد واقعة اعتبرها غيرت تاريخ البشرية كلها، منتصف القرن 19، حيث جنحت باخرة أمريكية، وغرق ركابها قرب بوجدور، وتدخل السباعي وقبيلته، واستطاعوا أن يمخروا البحر وينقذوا الغرقى وصولا إلى حدود نواذيبو (Cap Blanc )، واتخذوهم أسرى طيلة 12 سنة، ولكن دون سوء معاملة، أو إهانة ، بل كانوا يرعون الإبل، ويتناولون نفس الطعام، إلى أن حل ابن عمهم، قادما من الصويرة، ليعرض عليهم شراء الأسرى، فكان له ما أراد، وبوصولهم للصويرة، قدموا لقنصل الانجليز بالصويرة، هذا الأخير اتصل بالقنصل الأمريكي بطنجة، الذي تسلمهم.
وبعد عودتهم دون أحدهم ما تعرضوا له بل أصدر كتابا عرض فيه القصة، وكان من القراء أبراهام لنكولن قبل أن يصبح رئيسا لأمريكا، لكنه بعد أن أصبح صاحب قرار استحضر هذه الواقعة واتخذ قرارا بتحرير العبيد.
* أسقط على الماضي قضايا آنية، هناك قضايا حارقة، أتحايل عليها بل أتحايل لأعرضها بصيغة من الصيغ…
* الباشادور، لم اختر هذا العنوان… هناك الجابادور
* لا يمكن فصل الكتابة عن التجربة الشخصية، أعبر عن تصوراتي.
* توزع لشعور عشته لفترة معينة(سيرة حمار )، فهذا الحمار، يفكر، ويتابع ما يقع أمامه، ولكنه لا يستطيع النهيق، بايعاز…
* أبني أعمالي، والذي يصنع البناء هو الهندسة، وليس مواد البناء…
* بعد إتمام عمل ” رواء مكة ” شعرت بأنني شخص آخر، كانت لي حياة أخرى، ولكنها ليست هينة، بعد 2010، صارت لي هوية جديدة، صارت تثقل كاهلي أحيانا.
* تغيير المسار، أنا مدين لأشخاص كان لهم تأثير إيجابي على مساري، حيث كانوا يشحنونني، ويشحذون هممي، أصحاب فضل علي، جدي، وأبي، ووالدتي، وأشخاص آخرون أهديت لهم بعض أعمالي.
* جسم هذا البلد معافى، نعيش ظروفا استثنائية، والعالم كله يعيش ظروفا استثنائية، ولكن المغرب معافى.
واختتم ببيت شعري لميخائيل نعيمة، كان يردده الراحل الملك الحسن الثاني:” ركن بيتي حجر
سقف بيتي حديد
إلى آخره من القصيدة
بعد ذلك توافد أغلب الحاضرين تباعا، على طاولة توقيع مؤلفات المفكر والروائي حسن أوريد خصوصا رواية ” الباشادور ” ، واستغرق التوقيع مدة طويلة، وانتظر المعنيون أدوارهم دون كلل، وبجلد.