أخبار المدينة

هذيان تبون واستظهار ما حفظه عن ظهر قلب لمعاكسة المغرب

هذيان تبون واستظهار ما حفظه عن ظهر قلب لمعاكسة المغرب 

الجزء السادس 

مراسلة: إبراهيم زباير الزكراوي 

 

منذ تأسيسها، لم تتغير عقلية حكام الجزائر، ولم يتخلصوا من مخلفات الحرب الباردة، وظلوا يراوحون مكانهم، رغم كل التغيرات التي طرأت على العالم، وظلوا متمسكين بأفكار جامدة، أصبحت لديهم عقيدة، وتوهموا أنهم آخر “قلاع الثوار “، فأصيبوا بفوبيا تآمر الجميع على إسقاط حصنهم، لأنهم يقفون إلى جانب ” المظلومين ” ، وهم براء من ذلك، وخير مثال هو ادعاؤهم بمناصرة الفلسطينيين ظالمين أو مظلومين قولا، أما الفعل فنجده داخل الجزائر حين تمنع التظاهرات المساندة للقضية الفلسطينية، وهم الذين يشجبون التطبيع مع الإسرائيليين، وهم أول المطبعين اقتصاديا بتصدير الغاز الجزائري منذ 2014، بل بدأ التطبيع ان لم أكن مخطئا منذ لقاء الرئيس الراحل بوتفليقة ورئيس الوزراء الاسرائيلي السابق باراك بالرباط أثناء تأبين الراحل الملك الحسن الثاني.

هذا النظام خرجت كركوزته في مقابلة تلفزية- تحت الطلب- ليعيد اسطوانته المشروخة، والتي مل منها الجميع بما فيهم الشعب الجزائري، بل ان العالم أجمع، أجمع على العقم السياسي الذي يطبع خطاب محترفي السياسة في الجزائر بأمر من العسكر، حيث يختزلونه في الثالوث الغير محرم عليهم: المغرب، والصحراء، والمؤامرات الخارجية.

خرج تبون ” المغوار ” ممتطيا صهوة ” مجد دبلوماسي غابر ” ، في محاولة لاعادة تشحيم قطع غياره المتلاشي في كل من مالي والنيجر وأوكرانيا، ليتحدث عن قضية الصحراء المغربية، التي قال عنها “إنها “قضية تصفية استعمار ولو تم استعمال منطق العقل بدل منطق القوة لتم إيجاد الحل”، محاولا خلق ضباب عن موقف جامعة الدول العربية، مدعيا أنه ” لا يوجد قرار للجامعة على سيادة المغرب على الصحراء”، متناسيا أو متجاهلا لاعتماد هذا التكتل لخريطة المغرب كاملة، في مؤتمر انعقد بالجزائر في وقت غير بعيد، بل ان الجامعة تؤكد في كل بياناته التي تشارك الجزائر في صياغتها على مبدأ احترام سيادة الدول ووحدة أراضيها، بل ويجاهر مسؤولو عدد من دوله بدعمهم لمغربية الصحراء في حضور ممثلي الدولة الجزائرية.

ودون خجل، وبشكل علني ولأول مرة منذ الاجتماعات التي عقدها مع نظيره في تونس ورئيس المجلس الرئاسي الليبي، كشف تبون عن نية بلاده تأسيس كيان بديل للاتحاد المغاربي يضم تونس وليبيا، مشيرا إلى حدوث اتفاق بين البلدان الثلاثة، مدعيا ملء الفراغ الذي تشهده المنطقة على مستوى التكتلات، وللتضليل قال ” إن التحالف الجديد لا يستهدف أي دولة” ، مُلمحا إلى أن الباب مفتوح أمام المغرب للانضمام، ولم يغفل قاطن أو ” سجين ” قصر المرادية أن يوجه مدفعيته نحو الخليج دون تسمية من نعتهم بالضلوع في مخططات لتخريب واشعال نار الفتنة في دول الجوار، ما اعتبر إشارات إلى الإمارات العربية التي يكيل لها الإعلام الرسمي الجزائري وزبانيته الاتهام في هجمات متكررة نتيجة مواقفها من مجموعة من القضايا الإقليمية ضمنها قضية الصحراء المغربية. 

ويأتي خطاب تبون حسب محللين لتصريف أزمة النظام الجزائري الذي يتخبط في الفوضى واللانظام، حيث تعيش الجزائر في تخبط وهي تستعد لانتخابات سابقة لأوانها، ما خلق نقاشا حول جدوى ذلك، ما دامت الإرادة الشعبية الجزائرية مغيبة، وضرب حجر على الأصوات المعارضة، لهذا تفتقت ” عبقرية ” العسكر بتصدير الأزمة الداخلية، وتصريفها إلى أمور أضحت هامشية، وعلاقة بموضوع الحلف أو التكتل الجديد فإنه رد فعل انفعالي عن المبادرة المغربية القاضية بفتح الفضاء الأطلسي في وجه الدول الإفريقية والعالم كفضاء للتواصل الإنساني والاندماج الاقتصادي والاجتماعي.

والملاحظ أن سعار الجزائر تزايد منذ عودة المغرب إلى الحضن الإفريقي، بملء مقعده الذي كان شاغرا، والتحركات التي قادها جلالة الملك في عدد من الدول الإفريقية والشراكات التي نسجها، لهذا يحاول حكامها بكل الوسائل الغير مشروعة عزل المغرب عن محيطه الإفريقي أولا، وخصوصا جواره المغاربي الذي كان المغرب أحد المؤسسين الرئيسيين له، واستغلت الطغمة العسكرية الجاثمة على أنفاس الشعب الجزائري الأوضاع المضطربة في ليبيا وعدم استقرارها، وضعف القيادة السياسية في تونس وحياد موريتانيا، لاقبار اتحاد المغرب الكبير، والاستمرار في معاكسة المغرب في وحدته الترابية، واستنزافه عبر مرتزقة يمتصون عرق الجزائريين لضرب اخوتهم المغاربة.

وما يغيض حكام الجزائر هو المساندة اللامشروطة للدول العربية وخصوصا دول الخليج لوحدة المغرب كاملة من شماله إلى صحرائه، لهذا بدأوا يناورون لاحداث شرخ في هذه العلاقات باستعمال المال تارة والضغط مرة أخرى على الدول الضعيفة اقتصاديا أو الغير مستقرة.

وتفاعلا مع الموضوع، نورد تصريحا للناشط السياسي الجزائري المعارض شوقي بن زهرة، حيث قال:” إن “الجزائر انتقلت إلى مستوى آخر في مواجهة المغرب، إذ لم تعد تقتصر على دعم البوليساريو ضدا في المملكة بل توجهت إلى محاولة خلخلة علاقات الرباط بدول المنطقة، خاصة الدول العربية والمغاربية، في محاولة لكبح اتجاه هذا النزاع نحو الحسم النهائي، خصوصا على الساحة الأوروبية مع الموقفين الإسباني والألماني وظهور بوادر موقف مماثل لدى فرنسا”، مشيرا إلى أن “كل الدول العربية، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية والإمارات، وغيرها من الدول تدعم علنية مغربية الصحراء. وبالتالي، فإن إنكار النظام الجزائري لذلك ما هو إلا محاولة لشق الصف العربي وفتح جبهة جديدة للأزمة مع المغرب”، وما حديث تبون عن تأسيس تكتل سياسي يضم الجزائر وتونس وليبيا، دون المغرب وموريتانيا، يؤكد رفض هذه الأخيرة الدخول في أي تكتلات من هذا النوع دون حضور المملكة المغربية، وبالتالي رفضها لسياسة الجزائر في هذا الإطار”، ليخلص إلى أن النظام الجزائري أثبت إصابته بعقم وجمود سياسي ويتأرجح تناقضه بين خطاب يدعو إلى الوحدة والتكتل وفعل دبلوماسي يسعى إلى التفكيك والتقسيم وإحداث شرخ في العلاقات ما بين الدول المغاربية خدمة لمصالحه وأجنداته في المنطقة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى