المعطي منجب.. يطالب بمحاكمة ضحايا بوعشرين!!
بقلم ابو علي
تصر كتيبة “تحليل الوطء الحرام والجنس العنيف”، ممثلة في المعطي منجب ومحمد رضى وحسن بناجح وعفاف برناني..، إلا أن تنكأ جراح ضحايا توفيق بوعشرين، وتثخن ندوبهن التي تأبى أن تندمل رغم مرور ما يربو من أربع سنوات من تلك الجرائم العنيفة، التي حفرت أخاديد غائرة في نفوس الضحايا وأفراد عائلاتهم.
فقد أحيت هذه “الكتيبة الحقوقية” الذكرى السنوية الرابعة للحكم القاضي بإدانة توفيق بوعشرين ب15 سنة سجنا نافذا في قضايا الاعتداءات الجنسية العنيفة، برفعها لمطلب غير مسبوق ممثلا في ضرورة “الاقتصاص ومحاكمة من تسببوا في اعتقال توفيق بوعشرين!”.
فالمعطي منجب وحسن بناجح ومحمد رضى ومن والاهم بغير إحسان.. إما أنهم يقصدون بطلبهم هذا محاكمة ضحايا توفيق بوعشرين بسبب تجاسرهن على تقديم الشكايات التي كانت سببا في تحريك المتابعة في هذا الملف وصدور الحكم بشأنه! أو أنهم يطالبون بمحاكمة النيابة العامة ونزع صفة “الخصم الشريف في الدعوى عنها”، على اعتبار أنها هي من حركت ومارست الدعوى العمومية في هذه القضية!
وفي كلتا الحالتين: يبدو مطلب كتيبة المعطي منجب فاقدا للشرعية، ومفتقرا للمشروعية، ومعيبا في الشكل والجوهر، بل ومطبوعا باستحالة قانونية وواقعية.
فضحايا الاتجار بالبشر يتمتعون بحماية قانونية تحول دون متابعتهم من أجل التبليغ عن هذا النوع من الجرائم، بل إن المشرع المغربي اعتبر في الفصل 448-14 من القانون الجنائي ضحايا الاتجار بالبشر غير مسؤولين جنائيا ومدنيا عن أي فعل قاموا به كيفما كان نوعه، شريطة أن يكون مرتبطا بصفتهم كضحايا للاتجار بالبشر.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا بإلحاح هو كيف يمكن متابعة الضحية الرئيسية لتوفيق بوعشرين التي وافتها المنية مؤخرا وهي في المخاض؟ فهل يتوفر محمد رضى على آلية دينية وحقوقية تسمح له بالاقتصاص من هذه الضحية التي جاهرت بمعاناتها من فرط الاستغلال من طرف توفيق بوعشرين؟ أم أن حسن بناجح سوف يمطط مسؤوليتها الجنائية لتشمل ذوي حقوقها بعد وفاتها؟ أم أن المعطي منجب سوف يمعن في إزدراء ذكراها كما فعل رفقة محمد زيان قيد حياتها؟
فمن المؤسف حقا أن تلتئم هذه الكتيبة في كل مرة لتثخن جراح الضحايا وتحيي معاناة ذويهم، من خلال إنكار حقهن في طلب الإنصاف القانوني أمام المحاكم، ومن خلال تقديمهن زورا كبائعات هوى على مذبح الفداء بتوفيق بوعشرين، أو من خلال المزايدة بشرفهن ووجودهن كضحايا حقيقيات لجرائم أخلاقية بشعة.
فالذي يجب أن يستحيي اليوم من نفسه ومن القانون هم أولئك الذين لم يعبؤوا يوما للضحايا، ولو بكلمة تضامن أو حتى تفهم لمعاناتهن، والذين أسرفوا في “تجاهل ولامبالاة وتبضيع” الضحايا وكأنهن “سلعة” يتم استغلالها للتضحية ب”فحولة” توفيق بوعشرين العصية عن التلجيم والتحجيم فوق أريكة العار في عمارة الأحباس.
فالذين يحيون الذكرى السنوية لاعتقال توفيق بوعشرين، وهم يحملون وزر الضحايا الذي يطوق الحقيقة وأعناقهم، عليهم أن يخجلوا من فرط استغلالهم السمج لهذه القضية، لأن الاغتصاب لا يشرعن بالبيانات التضامنية، والاتجار بالبشر لا يصير تجارة حلالا بكثرة التوقيعات في البلاغات المنشورة. بل إن إحياء ذكرى بوعشرين يجب أن يكون بوقفة موضوعية مع الذات، تنضح بالجهر بالحقيقة والاعتذار للضحايا.. أما ما دون ذلك فهو مجرد “نعيق” يردد فقط صدى الوجع في ذكرى الألم عند الضحايا دون الجاني.