المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة بأكادير آفاق في الأمام و ريوع خلفية
بقلم : مصطفى بن يحي
من أهم ما جاء في التوجهات الملكية لجلالة الملك نصره الله من خلال عدّة خطابات أنّ : “التطبيق الفعلي للجهوية مبنية على اقتصاد جهوي و استهداف المستهدفين الجهوين ..في العمل على النهوض بالجهات اقتصاديا و اجتماعيا ” ، فالمتأمل في كل الخطابات الملكية يجب الاستناد النظري و التطبيقي لهياكل الجهة و دورها العملياتي في التنمية ، و هو ما جاء مؤكدا في كلمة جلالته في ” المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة بأكادير ” حيث يأتي في اطار رؤية متطورة جديد للسلطة و الادارة كما تضمنه دستور البلاد في الحفاظ على المؤسسات و عدم تضارب المهام لتكون التنمية هي البوابة الاساسية و تصور نابع من المعنيين ببرامج تراعي خصوصيات الجهة ، و في ذات اللحظة تضمن التكامل و الانسجام بين الوحدات الترابية مع باقي الجهات ، و هذا التطلع يمنح مجال و آفاق منفتحة و متعددة و هذا ما أكدته دولة “البارغواي” اليوم في دعم مشروع الحكم الذاتي الذي يتضمن فلسفة ” الجهوية المتقدمة ” .
لكن من غرائب الأمور أن الجهات المنظمة ل”لمناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة بأكادير” راعت مصالحها المركزية و المسالك التي تنتهجها مخالفة بذالك فلسفة المناظرة و التوجهات الملكية السامية في اشراك الجهات في التنمية ، فلقد كان من الأجدى إشراك و إحداث لجنة تشرف عليها جهة “سوس ماسة ” لمواكبة اللوجستيك من : الامن و الحاجيات الهائلة للإعداد لهذه المناظرة لتكون موازية بالعمل التوجهي لجلالة الملك خاصة لهذه الجهة ، بل تمت برمجة هذا اللقاء الكبير بمقاييس لا يمكن القول عنها سوى أنها ريعية باستمرار على المنهج القديم وفق عمليات الاعداد مضبوطة مركزيا على مستوى ” الرباط ” و اقصاء كل الفاعلين ، فحتى الشوكة و الخيام و الصحون و الشركة الامنية الخاصة بالحماية و التغذية و غيرها الكثير مستقدم من دائرة ” الرباط_الدارالبيضاء ” في اقصاء تام منهجي مشبوه ، مما يظهر بشكل فعلي أن كل المبادرات الملكية الانسانية في رقي شموليتها تتبدد بفعل هذا الواقع الريعي المظلم ، لكن ما يخيف هي الاشارات التي ترسلها هذه الجهات النافذة مركزيا و ادواتها الاقتصادية الريعية الفاسدة : أن الجهات و الفاعل الوطني غير مؤهل و بأن الكفاءة الوحيدة ! المتواجدة هي في الدائرة أعلاه ” المركز ” تحت عنوان عريض : تقسيم الفساد و الريع بشكل عادل .
و لعل تنظيم مثل هذه المناظرات الوطنية الكبرى و اقصاء الجهة الترابية المنظمة و كل فاعليها الاقتصاديين و الاعلاميين و المثقفين … يزيد الطين بلة خاصة نجد أن المركز و الجهات المنظمة و اللوبي المهيمن على صفقات التنظيم و التجهيز و الاعداد تلغي الاقطاب الروحية الترابية المنظمة ، متجاهلة بذالك ” لا مركزية ” في كل المناحي و الاحتياجات بحيث تضفي الشرعية على فسادها و ريعيها ، فتضرب بذلك كل جوهر أو مشروع و طني هادف و قد تعزز هذا التوجه في حذف كل الممونين و المنظمين و الشركات بجهة” سوس ماسة ” عبر الاستعانة بالمنظومة التي تشتغل معها بجميع تراب المملكة ، أليس هذا هو الغبن و السخط و رفع الاحتقان و استعمال شعارات فضفاضة في التكافؤ ؟ ألا يعد هذا تقويض لكل توجه ملكي سامي و التهافت على كل مشروع نبيل من طرف الريوع في المؤسسات الرسمية و أذيالها ؟
آه يا وطني … هنا يمكن القول أن كل مؤسسات الدولة باستثناء المؤسسة الملكية التي تسعى بكل جهدها لمواكبة التغيرات العالمية و الوطنية سواء في التنمية و التقدم ، فإن هذه السفينة تشرف عليها مؤسسات يجب معاودة انضاجها في حقل سياسي فوضوي و لوبي ريعي متداخل ، لا نجد فيها للجهوية المتقدمة في وصفها “تنمية ” سوى هذه الاشكال الإعلامىة و تقاريرها المتضخمة المحتشمة .
خلاصة القول إن تصور “ثالجهوية المتقدمة ” تحتاج الى تصور حقيقي في برمجته و ليس اثقال كاهل خزينة الدولة بملتقيات تستفيد منها اقلية ريعية فاسدة مرتبطة بها ، بعبارة أخرى أن التنسيق مع الجهات و الفاعلين في الجهات هي ضرورة للتنمية و مبرر حقيقي للتطبيق العادل للمشروع الوطني الكبير بدل هذه الأدوار السلبية ، فلإضفاء النجاعة و الفعالية هي في معالجة الامور التقنية من صفقات و اشراك الجهات المعنية و تفاعل المركز مع الفاعلين بدل حاضنتها الريعية ، ثم تكريس الصدق للنهوض بالجهات و الوطن و القطع مع الاطماع الانفصالية التي تزكها بعض الاطراف الخارجية و تحقيق تطلع التنمية التي ينتظرها المواطنين في المشروع الكبير الوطني بكل حكمة و تبصر .
لكن ، كل الآمال معقودة على الاشارات و التوجيهات السامية لصاحب الجلالة محمد لالسادس نصره الله ، و حمى الله المغرب .
مصطفى بن يحي : رئس جهة “سوس ماسة ” والنائب الأول للجمعية الوطنية لمهنيي قطاع تموين و تنظيم الحفلات و التظاهرات