أخبار المدينة

شاطئ ملوث يحوز على اللواء الأزرق بإقليم الفحص أنجرة بطنجة

مع قرب نهاية موسم الصيف، افتضح أمر وجود تلوث يغزو شاطئ الدالية بإقليم الفحص أنجرة، علما أن هذا الشاطئ ظل حائزا على اللواء الأزرق للمرة الرابعة على التوالي، وذلك بسبب تدخل مسؤولي الإقليم الذين ظلوا حريصين على نيل هذا الشرف عبر تسويق صورته باعتباره أجمل شاطئ في المغرب. لكن الواقع قد خيب الآمال هذه المرة، حيث بدأ الشاطئ يفرز الروائح الكريهة عند النقطة المحاذية لمدخل ميناء الصيد بسبب امتلائها بالمياه العادمة التي حولت الرمال في قعر البحر إلى كتلة سوداء اللون تفوح منها الروائح الكريهة، مما يؤكد طول مدة هذا التسرب الذي ظل يتحرك في خفاء إلى أن وصل إلى هذا المستوى الذي يجعل السباحة في هذا الشاطئ الجميل محفوفة بالأخطار. وكان رد فعل المسؤولين هو التزام الصمت، مع محاولة إلقاء اللوم على الميناء، علما أن هذا الأمر غير مؤكد، بحكم وجود عامل آخر ترجح مساهمته في هذا التلوث، نتيجة سوء تدبير المرافق الصحية المتنقلة التي تعتمد على تصريف المياه العادمة داخل خزانات بلاستيكية مدفونة تحت الرمال، يجب أن تظل خاضعة للمراقبة والإفراغ بواسطة شاحنة صهريجية بشكل دائم. ونظرا لسوء تقدير المشرفين على الشاطئ وحرصهم على تخفيض تكلفة تدبير تلك المرافق بكيفية غير لائقة، يتم اللجوء إلى إفراغها بطريقة عشوائية فوق الرمال ليلا من أجل التخلص من مخزونها، مثل ما سجل في السنة الماضية، حيث تم ضبط هذه العملية الإجرامية من طرف المصطافين الذين رأوا بأم العين آثار التلوث، كما قاموا بتوثيقها بالصورة ليلا ونهارا. ولما افتضح الأمر استنجد مسؤولو الجمعية بشركة صوماجيك التي أمدتهم بشاحنة صهريجية وقعت بدورها في ورطة بعد أن غاصت عجلاتها وسط الرمال عند تدخلها لإفراغ حقينة الخزانات، وقد استمرت عالقة وسط المال عدة ساعات، إلى أن تم الاستنجاد بجرار. وفي ظل هذه الوضعية قامت ثلاث جمعيات ممثلة في رابطة الدفاع عن حقوق المستهلكين، وجمعية شباب الدالية، وجمعية أصدقاء البيئة بتوجه رسالة عاجلة إلى عامل الإقليم، وإلى المندوب الجهوي للبيئة، ومؤسسة محمد السادس للبيئة بتاريخ 02 غشت 2018 من أجل إخطار هؤلاء بهذا الحادث، ومطالبتهم بتشكيل لجنة تحقيق للتأكد من مدى سلامة رمال الشاطئ من التلوث الذي يضر بصحة المصطافين ويؤثر على جودة مياه الشاطئ .. وبدلا من أن تتحمل تلك الجهات المسؤولية، قامت بإخطار الطرف المتورط في هذه العملية من أجل أن يتدارك الموقف، وذلك بهدف إخراج مسرحية نزول لجنة مختلطة إلى عين المكان يوم 8 غشت2018 ، أي بعد مرور أسبوع على تسجيل تفاصيل الحادث. وبعد انتهاء الموسم الصيفي تمت دعوتنا إلى العمالة لتسلم رسالة جوابية من مكتب الضبط بالعمالة. وما أن اطلعنا على فحواها، حتى تبين أن نزول تلك اللجنة لم يكن إلا محاولة للتغطية على تلك الجريمة وطمس معالمها من أجل هدف واحد هو تكذيب ادعاء الجمعيات الثلاث، حيث أنكرت اللجنة وجود( أية روائح كريهة، وكذلك برك المياه العادمة، وتسربات المياه العادمة، و انتفاء أية ملصقات تطالب الرواد بالأداء مقابل استعمال المراحيض)، علما أن المسؤول عن الجمعية المتسببة في هذا المشكل يعترف ضمنيا بما حدث، حيث يتوجه بالشكر عبر وسائل التواصل الاجتماعي بتاريخ 6 غشت 2018 إلى شركة صوماجيك التي تدخلت لإنقاذ الموقف. وهو ما يعني أن هذه المرافق المدمجة في إطار هذا المشروع غير مقيدة بدفتر تحملات يفرض سلامتها من العيوب وخضوعها للمراقبة والمتابعة المستمرة، كما يؤكد أيضا أنه كان يتم التخلص من مخزونها بكيفية عشوائية. ومع ذلك سارعت العمالة إلى إنكار تلك الحقيقة استنادا إلى التقرير الذي أعدته لجنة التحقيق، في الوقت الذي التزمت الأطراف الأخرى الصمت، فلم نتوصل منها بأي جواب يذكر، وكأن الأمر لا يدخل ضمن اهتمامها، وهو ما عزز موقف تلك الجهات ورجح كفة إعادة تجديد الثقة في الشاطئ من جديد وتزكية الجهة القائمة عليه من أجل الحصول على اللواء الازرق خلال الموسم الحالي…
وبالرغم من قساوة رد العمالة الذي جاء مخيبا للآمل، لأن عمل اللجنة لم يكن شفافا، حيث لم يتم إشراكنا كملاحظين في هذه العملية من أجل الاطمئنان على النتائج، فقد التزمنا الصمت، وسلمنا بالنتائج المعلنة من طرف لجنة التحقيق، وفوضنا الأمر لله .. ومع حلول الموسم الصيفي الحالي أعددنا تقريرا مفصلا حول هذا الشاطئ، تم من خلاله توجيه رسالة إلى المسؤولين للعمل على ضمان نظافة الشاطئ وسلامته من التلوث، مع طلب اتخاذ التدبير اللازمة لتلافي الوقوع في الأخطاء والاختلالات التي تؤثر على جودة خدماته، كما طالبنا باعتماد مجانية المرافق الصحية والخدمات المقدمة للمصطافين الذين يتعرضون للابتزاز على يد مسؤولي إحدى الجمعيات المدللة ..
ومن أجل عرض الصورة كاملة عما جرى في السنة الماضية، والوقوف على رد فعل مسؤولي العمالة الذين عبروا عن انحيازهم السافر ضد المصلحة العامة، نقوم بنشر تقرير مواز في الموضوع يرصد تطورات هذا الملف وكيفية تفاعل المسؤولين مع تداعيات هذا الحادث في السنة الماضية، وكذلك رسالة الجمعيات الثلاث، ثم رسالة الرد الموقعة من طرف الكاتب العام.
المكتب المركزي لرابطة الدفاع عن حقوق المستهلكين
27-08-2019

المرفقات

تقرير موازي عن تأثيرات عامل التلوث داخل شاطئ الدالية بعمالة الفحص من إعداد اللجنة البيئية المشتركة بين الجمعيات الثلاث

بدأت القصة في السنة الماضية في بداية الموسم الصيفي 2018 عندما اشتكى أصحاب أكشاك المأكولات بشاطئ الدالية من الروائح القوية التي تضايقهم وتزعج الزبائن القاصدين لمحلاتهم وتجبرهم على تغيير الوجهة. فقليل من الناس من كان في إمكانه تناول الطعام والاستقرار في ظل وجود الروائح الكريهة للواد الحار المنبعثة من المراحيض التي كان من المفترض إعدادها بطريقة تسمح بتصفية المياه العادمة المجمعة في خزانات مدفونة تحت الرمال، وإعادة استعمالها في سقي مناطق خضراء كانت ستقام في محيطها، حسب دفتر التحملات الخاص بهذا النوع من التجهيزات .إلا أنه في غياب أي دليل ملموس عن السبب الحقيقي لهذه الانبعاثات، تعذرت إثارة هذا الموضوع في حينه، إلى أن حل منتصف الموسم الصيفي لسنة 2018 ، حيث اكتشف بمحض الصدفة ليلا من طرف بعض الأشخاص، وجود صوت مضخة كهربائية ينبعث من الشاطئ. وعند اقترابهم من مصدر الصوت وجدوا الأرضية المحيطة بالمراحيض مبللة بالكامل، فقاموا بتوثيق الحالة التي كانت عليها تلك المنطقة ليلا، وبتسجيل شريط فيديو آخر بالنهار تظهر فيه بركة المياه الآسنة خلف المراحيض التي تحمل ملصقات معلقة على أبوابها تحدد ثمن استعمالها بدرهم واحد .وبذلك اتضح أن سبب الروائح الكريهة التي تملأ المكان هو طريقة إفراغ حقينة الصهاريج ليلا مباشرة فوق الرمال المحيطة بالخزانات. إذ كان يتم من حين لآخر شفط المياه المجمعة بواسطة مضخة، ثم طرحها فوق الرمال التي تقوم بامتصاصها، ثم يتبخر الباقي تحت أشعة الشمس لتبقى الروائح حاضرة تملأ المكان، علما أن تلك الخزانات يجب أن تخضع للتنظيف بكيفية مقبولة بيئيا عن طريق نقل مخزونها بواسطة الشاحنات المخصصة، أو معالجتها كيميائيا للقضاء على الروائح والبكتيريا .
وبعد مناقشة الموضوع، قرر ناشطون بيئيون يمثلون كلا من جمعية شباب الدالية وجمعية أصدقاء البيئة بطرق باب المدير الجهوي للبيئة لإطلاعه على الصور والفيديوهات ودعوته للقيام بزيارة شخصية إلى عين المكان للتأكد من الحالة، وأن يتدخل بطريقته لإعادة الأمور إلى طبيعتها دون إلحاق الأذى بأي أحد. لأن المهم هو منع تلك التصرفات المشينة التي يمكن أن تفقد الشاطئ لواءه الأزرق، خاصة وأن المؤسسات المشرفة عليه لا تتهاون في مسألة معالجة المياه العادمة وحسن تدبير إفرازات المرافق الصحية عند منح اللواء الأزرق لأي شاطئ. لكن المدير اعتذر بلباقة، وقال إنه لا يمكنه التدخل بمفرده، وطالبنا بوضع شكاية رسمية بمكتبه، وشكاية مماثلة لدى عمالة الإقليم التي من المفترض أن تعطيه الضوء الأخضر لكي يتحرك، وهو ما يعني مزيدا من الوقت. فتمت صياغة الشكاية في 31 يوليوز من قبل الجمعيتين بالإضافة إلى رابطة الدفاع عن حقوق المستهلكين. ولم نتمكن من وضعها لدى الإدارات المعنية إلا في 02غشت، حيث وضعت الشكايات مرفقة بصور ملونة وقرص يتضمن فيديوهات في مكاتب ضبط كل من عمالة الفحص أنجرة وولاية الجهة، وفي مكتب المدير الجهوي للبيئة الذي قيل لنا إنه في عطلة، كما تم إرسالها بالبريد الإلكتروني لأحد موظفي مؤسسة محمد السادس للبيئة لتعذر الحصول على البريد الإلكتروني للمؤسسة عن طريق الإنترنت .
لم تتلق الرابطة أي رد على رسائلها باستثناء جواب الكاتب العام لعمالة الفحص أنجرة نيابة عن عامل الإقليم، وذلك بعد نهاية الموسم الصيفي، وبداية الأسبوع الثاني من شهر شتنبر، لتخبرنا أن لجنة مختلطة قد خرجت إلى عين المكان في 08 غشت، وخلصت إلى أنه لا وجود للروائح الكريهة، ولا لبرك المياه العادمة، ولا لتسربات المياه العادمة، ولا حتى لملصقات تطالب رواد الشاطئ بالأداء مقابل استعمال المراحيض، وأن اللجنة أوصت الجمعية المكلفة بتدبير الشاطئ بالمزيد من العمل للمحافظة على جماليته ورونقه.
وبمراجعتنا لشريط الأحداث اكتشفنا واحدة من غرائب الصدف، ففي اليوم السابق لتاريخ إيداع شكايتنا لدى المسؤولين، مرت لجنة مختلطة تمثل مختلف الإدارات يوم 1 غشت 2018، أي أسبوعا واحدا فقط قبل حلول اللجنة الثانية التي لم تجد أي شيء .وبين تاريخ حضور اللجنتين، سجل وجود صور لعمال الجمعية المسيرة رفقة شاحنة صوماجيك وهم يقومون بإفراغ صهاريج الصرف الصحي.
ولا يحتاج المرء لكثير من الذكاء ليكتشف أنه تم تحويل كارثة بيئية إلى مجرد تسرب عاد، وأن اللجنة الأولى لم تقم بزيارة المراحيض، ولم تكتشف الحالة الكارثية للمراحيض القريبة من اللواء الأزرق الذي يظهر في تسجيل الفيديو، واكتفت بزيارة أكشاك المأكولات، في الوقت الذي تم السماح للمنظمين بإفراغ الصهاريج ابتداء من ليلة 3 غشت، واستمرت العملية بالليل والنهار إلى غاية 6 غشت. وبعد أن أعيدت الحالة إلى طبيعتها، تم تكذيب الجمعيات رسميا برسالة صادرة عن عمالة الإقليم .
وأمام هذا الوضع سلمنا بالأمر الواقع الذي أرادته السلطات، ولم نقم بتدبيج بيانات الاستنكار ورسائل الاستفسار عن عدم إشراكنا كطرف في تلك اللجنة المختلطة إسوة بالجمعية المنظمة التي كانت حاضرة ، كما لم نعمل على التشكيك في عمل اللجنة التي كان يفترض فيها إجراء تحليل للرمال ومياه الشاطئ من أجل التأكد من خلو محيط المراحيض من البكتيريا البرازية القولونية والمكورات المعوية، حيث قررنا على مضض طي الملف مؤقتا، وعدم التأثير سلبا على حظوظ الشاطئ في نيل اللواء الأزرق مجددا، كما تمنينا أن يتقدم الشاطئ في 2019 خطوات إلى الإمام، لكن العكس هو الذي حصل. ففي هذه السنة اكتشفنا عودة الملصقات التي تطالب رواد الشاطئ بالأداء، والأخطر هو وجود تسرب للمياه العادمة داخل البحر أمام السور الخارجي لميناء الصيد الدالية، حيث توجد منطقة سوداء قاتمة تنبعث منها روائح كريهة، وهو ما يشكل سابقة خطيرة في هذا الشاطئ الذي اشتهر بمياهه الصافية الخالية تماما من أية إفرازات طوال تاريخه، خاصة أنه متوج باللواء الأزرق الذي يرتكز على ثلاثة شعارات، 1- مياه صافية 2- شاطئ نظيف 3- ولوج للجميع. وبما أن المياه الصافية هي نعمة ربانية لا دخل لأية جهة فيها، فإن الجهة المنظمة لبرنامج الولوج للجميع، قد أعطت هالة كبيرة لممر مؤقت لسباحة دوي الاحتياجات الخاصة، وفي نفس الوقت ظلت تعيق وصول مستعملي السيارات إلى قرية الصيادين بالنسبة للبحارة والساكنة والسياح على حد سواء بواسطة حاجز مروري في إطار تصرف غير مفهوم. فهل هو عقاب للنشطاء الذين ما فتئوا ينادون بإعطاء الأولوية للبيئة وللساكنة المحلية بدلا من الأنشطة الغنائية الترفيهية؟. أم أنه حاجز وضع خصيصا لمنع زوار الشاطئ من الوصول الى الجزء غير النظيف الممتلئ بالأحجار المبعثرة الصغيرة والكبيرة وسط الرمال، إضافة إلى مخلفات إعصار مالقا؟.
أم أن لوضعه غاية وهي إخفاء الحقيقة ومنع اكتشاف هشاشة البنية التحتية لميناء الصيد الذي يراد تحميله المسؤولية، خاصة وأن هذا التسرب قد ظهر للعلن والبحارة لم يكملوا بعد عامهم الأول بعد تسلمه ، كما أن الميناء لا يعمل حتى بعشر طاقته الاستيعابية، وقبل أن يتم تشغيل المقصف والمطعم والمرحاض العمومي، مما يطرح أكثر من سؤال حول المسببات الحقيقية التي تكمن خلال هذا الحادث المؤسف الذي يجب أن يؤخذ على محمل الجد. فلا نحتاج للجن مختلطة أو مختبرات متخصصة لنكتشف أن الأمور بيئيا تسير إلى الوراء، فبواسطة لعب الأطفال الصيفية البسيطة من رفش وسطل وغربال، يمكن التأكد بأن الرمال ما زالت ممتلئة بالأحجار، رغم التدخل الذي تم في بداية الموسم، وكذلك مخلفات القصب الناتج عن أزبال إعصار مالقة. وبنفس الرفش يمكن مقارنة رمال الشاطئ الطبيعية التي تشبه رمال شواطئ الكاريبي برمال الواد الحار القاتمة السواد المحملة بالروائح المقززة. فهذه هي الصورة الحقيقية لأقرب شاطئ إلى أوروبا.
وفي الوقت الذي ترحب فيه أعلى سلطة في البلاد بالحقيقة، ولو كانت قاسية أو مؤلمة، فان سلطات الإقليم لا يروقها أن تعرف الحقائق، وتكتفي بتسويق الصورة الجميلة لعملية سباحة المعاقين، بينما المنطقة كلها تسبح في الهشاشة والفقر والعوائق الإدارية المختلفة، مما جعل البيئة تحتضر في قلب محمية طبيعية. وعوض العمل في إطار مقاربة تشاركية مع النشطاء البيئيين، تختار أقصر طريق وهي تجاهلهم ومحاولة إسكاتهم، وفي المقابل تمد يدها للسياسيين الذين يلمعون صورة المنطقة بالموازاة مع إبراز صورهم وإخفاء العيوب عوض معالجتها. وفي ظل هذه الوضعية المزرية ، نسجل بكل صراحة، ودون لف ولا دوران، أن التنمية في المنطقة في صيغتها الحالية هي من النوع الذي يغني الزيز ويفقر النملة.

اللجنة البيئية المشتركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى