توصّل مشروع بحثي دولي إلى أن المسلمين مُندمجون عموما بشكل جيّد في سويسرا وإلى أن معظمهم يشعر بعلاقة قوية مع سويسرا، وذلك رغم تعرضهم بانتظام لردود فعل ناجمة عن الخوف من الإسلام (إسلاموفوبيا)، حيث أعرب خمُس المستجوبين تقريبا عن عدم رغبتهم في أن يكون لديهم جار مسلم.
اهتم المسح الجديد الذي أنجزه “مرصد الأديان” التابع لمؤسسة بيرتلسمانرابط خارجي (مقرها ألمانيا) ونُشر يوم الخميس 24 أغسطس 2017، بالقدرات اللغوية ومستوى التعليم والتشغيل ومدى الإنخراط في المجتمع للمسلمين في كل من سويسرا وألمانيا وفرنسا والنمسا والمملكة المتحدة. وتوصل إلى أن 98% من المسلمين في سويسرا – من الجيلين الأول والثاني – يشعرون بأنهم مرتبطون بسويسرا. في المقابل، لا تشمل الدراسة اللاجئين الذين وصلوا إلى أوروبا بعد عام 2010.
حاليا، يتراوح عدد المسلمين المقيمين في سويسرا ما بين 350 و 400 ألف شخص (إجمالي عدد السكان: 8 ملايين و300 ألف نسمة)، 12% منهم مواطنون سويسريون. ومع أنهم يتشكلون من جاليات متنوعة على المستوى العرقي واللغوي إلا أن حوالي 80% منهم يقدمون من منطقة البلقان (ألبانيا والبوسنة والهرسك ومقدونيا وكوسوفو وصربيا وكرواتيا والجبل الأسود) ومن تركيا.
الدراسة توصلت إلى أن المسلمين نجحوا في الإندماج في أسواق العمل السويسرية والألمانية. كما اتضح أن معدل العمل المأجور في صفوف المسلمين في كلا البلدين لم يعد يختلف عما هو عليه لدى إجمالي السكان.
حسب التقرير، تفاوتت معدلات إتمام الدراسة للأطفال المسلمين في مختلف أنحاء أوروبا تبعا للنظام المعتمد من بلد لآخر. وفي سويسرا، التي يُوجد لديها نظام انتقائي في سن مبكرة مقترنا بتوفر العديد من إمكانيات التدريب المهني، غادر 74٪ من الجيل الثاني من المهاجرين المسلمين المدرسة قبل سن السابعة عشرة.
مُعدو الدراسة أشاروا إلى أن المناخ الإجتماعي تُجاه المسلمين في سويسرا اتسم بـ “قدر أكبر من الإيجابية” عموما مقارنة بالبلدان الأخرى التي شملها المسح. فقد اتضح أن سكان سويسرا كانوا أكثر انفتاحا لتقبل فكرة وجود جيران مسلمين (17% أعربوا عن رفضهم للفكرة). في المقابل، قال 87% من المسلمين إنهم يتواصلون بشكل منتظم مع أشخاص من ديانات أخرى خلال أوقات فراغهم.
ومع أن ظاهرة الخوف من المسلمين أو الرّهاب الإسلامي (إسلاموفوبيا) بدت أقل حدة في سويسرا مقارنة بالبلدان الأخرى التي شملتها الدراسة، إلا أن 35% من المسلمين في سويسرا قالوا إنهم تعرضوا للتمييز خلال الإثني عشر شهرا الفائتة.
“تقدم واضح”
إجمالا، وعلى الرغم من وجود بعض التوترات الإجتماعية، فإن عملية إدماج المهاجرين المسلمين في كل من سويسرا وألمانيا وفرنسا والنمسا والمملكة المتحدة “بصدد إنجاز تقدم واضح”، كما يقول مؤلفو الدراسة.
وفيما يُشبه الخلاصة، قال الباحثون الذين أشرفوا على إنجاز الدراسة إنه من الممكن الإرتقاء بمستويات التكامل والتلاحم في المجتمعات الأوروبية من خلال تحسين فرص المشاركة في الأنظمة التعليمية والتشغيلية. إضافة إلى ذلك، يجب أن يُمنح الإسلام نفس الوضعية القانونية التي تتمتع بها المجموعات الدينية المؤسساتية الأخرى لتشجيع التنوع الديني. كما أضافوا أنه يتعيّن التشجيع على التواصل بين مختلف الديانات والثقافات في المدارس والأحياء ووسائل الإعلام على سبيل المثال.
طبقا لإحصائيات عامي 2015 و2016 المذكورة في الدراسة، تشير التقديرات إلى وجود حوالي 4.5 مليون مسلم في ألمانيا (ما بين 5 و6% من إجمالي السكان) و5.3 مليون في فرنسا (7 – 8%) وثلاثة ملايين في المملكة المتحدة (4%) و500 ألف في النمسا (6 – 7%).
يُشار إلى أن هذا التقرير الثالث لمرصد الأديان (أجريت الدراستان السابقتان في عامي 2007 و2013) اعتمد على نتائج دراسة استقصائية تمثيلية شملت أكثر من عشرة آلاف شخص في كل من ألمانيا والنمسا وسويسرا وفرنسا والمملكة المتحدة وتركيا وأجريت في موفى عام 2016.