ما معنى المدن الذكية؟، سؤال قد يجعل المرء يسرح في خياله محاولا البحث عن إجابة تثير الحماس، والمدينة الذكية مصطلح ظهر منذ نحو عقد من الزمان ويمكن إيجاد أكثر من تعريف لها فهي قد تكون مدينة “المعرفة”، أو “المدينة الرقمية”، أو الايكولوجية، وغيرها من التعريفات الأخرى التي تنبع من أهداف تخطيط المدينة.
وفي العالم هنالك العديد من البلديات الكبرى التي تبنت هذا المفهوم وبدأت حقا بتطبيقه في إدارة المدن؛ فعمداء تلك المدن الكبرى يتحدثون عن المستشعرات للتحكم لاسلكيا بالإشارات الضوئية وإشارات المرور لتقليل كلفة الطاقة والاستثمار في مفاهيم ذكية أخرى تحسن من مستوى المعيشة في المدن، وتستشرف المدينة الذكية المستقبل على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي.
المدينة الذكية ترصد البنية التحتية الأساسية كالطرق والجسور والأنفاق والسكك الحديدية والأنفاق والمطارات والقطارات والموانئ البحرية وكذلك الاتصالات والمياه والطاقة والأبنية الرئيسية، كل ذلك من أجل الوصول إلى الدرجة المثلى من الموارد والأمن، وتستطيع المدينة الذكية أن توفر خدمات للمواطنين بما يعزز شعورهم بالسعادة والصحة والراحة والأمان.
ومن الأمثلة على ذلك استخدام المستشعرات للكشف عن أماكن تسرب المياه في المدينة وإصلاحها على الفور، أو لمراقبة نوعية الهواء لمساعدة الأشخاص المصابين بالحساسية من أخذ احتياطتهم أو استخدام المستشعرات لمعرفة أن مكان صف السيارات ممتلئ ويقوم بإرشاد السائق الى أماكن صف أخرى، وبناء على كل هذه الأمثلة، يتفق العلماء أن تعريف المدن الذكية يختلف من فكرة الى أخرى؛ إذ تتأثر المدن الذكية بنفوذ تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لحل المشاكل الأساسية كالمياه والطاقة والسلامة والنقل.
وتعد تكنولوجيا المعلومات والاتصالات المكون الأساسي للمدينة الذكية التي تهدف الى تسريع الحياة الحضرية، وجلب المزيد من البشر للعيش في المدن الكبيرة.
مديرة قسم تطوير الأعمال في شركة “أريكسون” لخدمات تكنولوجيا الاتصالات، أندريا بيتي، قالت لـCNN “إن أهداف المدن الذكية تصنف تبعاً لثلاث فئات: زيادة الاستدامة، وتحسين حياة المواطن، والنمو الاقتصادي”، موضحة أن “هناك ضرورة لبلورة رؤية واضحة للأهداف، لنجاح مبادرة المدن الذكية، فضلاً عن وجود معايير قياس صلبة لتتبع التقدم المحرز مقابل الأهداف”، أما الرؤية فيجب أن تكون واضحة لجميع أصحاب المصلحة، وتتلاءم مع صناعات رئيسية مثل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ووسائل النقل، والمياه، والكهرباء والسلامة العامة، ويؤدي استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات إلى ايجاد حلول مبتكرة لقضايا مثل الاستدامة الحضرية والمياه والكهرباء والنقل.
يمكن لوسائل النقل المتعددة الوسائط خفض وقت تنقل المواطن من خلال السماح له بالتخطيط مقدماً لرحلته والوصول إلى الوجهة النهائية بكفاءة، ما سيزيد من استخدام وسائل النقل العام والحد من استخدام السيارات وانبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون.
وينطبق الأمر ذاته، على إدارة حلول الطاقة للعملاء، والتي تتيح لمزودي الطاقة لإدارة الطلب على الطاقة والاستثمارات في محطات توليد الطاقة، وهناك بعض المدن تألقت بشكل واسع في مفهوم المدن الذكية وتقنياتها أكثر من غيرها، لذلك سميت مدينة “ذكية” بسبب ما حققته من نجاحات.
مثلا المدينة الياباناية فوجيساوا، والتي بُنيت على موقع مصنع “باناسونيك” السابق، تم تشييد حوالي 100 منزل على مساحة 190 ألف متر مربع وتم تجهيز كل منزل بألواح شمسية ومولّدات كهربائية تعمل بالغاز الطبيعي لزيادة فعالية الطاقة، وتترابط البيوت كافة ببعضها بعضا ضمن شبكة واحدة ويتم نقل الطاقة المولدة بينها تلقائياً، وإذا فُصلت المدينة عن مصادر الطاقة الخارجية القادمة من خارج المدينة، فمن المتوقّع أن تكون قادرة علـــــــــــــــى التمتّع بالاكتفاء الذاتي لثلاثة أيام بفضل استخدام مواردها البيئية.
ويسعى العلماء بشكل مستمر على جعل المدينة الذكية مدينة مستدامة تجمع بين قابلية التكيف والمعولية، وإمكان التعديل، وسهولة التطبيق، والأمن والسلامة، والصمود، وأن تضمن مستوى الرفاهية للسكان وتوفر المزيد من فرص العمل. وتسهل وسائل الرعاية الطبية والعناية والسلامة البدنية والتعليم. وترسي المدينة الذكية المستدامة نهجاً مستداماً يلبي احتياجات الوقت الحاضر دون التضحية بالقدرة على تلبية احتياجات الأجيال المقبلة.