أخبار الجهة

تغريدة الفجر: رشيد العطار… والحفر المضني في الأدب والتاريخ.

يوسف بلحسن 

أذكر مند عقدين وأكثر ، رجلا كان قد رص يوما ما اللبنة الأولى لمشروع القراءة بمدينتني، لبنة مكتبة مرتين،  كان الوالد “الغزاوي” رحمه الله مهووسا بالكتب وبتثقيف الصغار كل الصغار ،  لله الحمد مر ذاك الهوس الى عدد من أبناء المدينة والى كل من كان يدرس فيها.

البارحة جمعنا الحدث انا والصديق رشيد العطار وشلة راقية مغربية واسبانية في نفس المكتبة لحدث ثقافي جميل ، رشيد وقبل حفل القراءة ،أعادني بذكريات” إلتهامنا” للكتب بنفس المكتبة واليوم  ..ها نحن نعيش طفرة الانتاج في حفل تقديم كتابه الرائع :”المثل العامي الأندلسي في الدراسات العربية والاستعرابية”.

الكتاب الضخم (450 صفحة تقريبا)الذي هو في الاصل رسالة دكتوراه ،حاز يوم تقديمها تشريفا واعترافا أكاديميا كبحث يسمو عاليا في سماء الأدب الشعبي أدب الامثال،  الأستاد احمد ملوك قال في قراءته المستضيفة والرائعة لهذا الانتاج “هذه مكتبة في كتاب واحد، هذا مجهود لجنة قام به فرد واحد”، وبالفعل عندما تتفحص حدائق الكتاب(رغم أنه اختص في الحديقة الخامسة من حدائق الأزاهر لابن عاصم الغرناطي)تحس أنك أمام بحث عميق وأمام باحث أصر على الحفر والتنقيب في التاريخ والادب الأندلسي العامي او لنقل الشعبي، انه تأريخ الشعوب الخارج عن نمط التأريخ الرسمي ومنمقاته، يعتمد على الصورة العامية الخالية من التصنع ، أهمية قراءة الكتاب تظهر في كونه منفدا لقراءة اخرى للتاريخ بعيدا عن التاريخ الرسمي .

يقول ملوك :”ولو لم يكن أديبا لكان مؤرخا عاليا الصوت (الشعب المؤرخ)انها كتابات تنتصر للمثل العامي في وجه تحكم المدافعين على الفصحى باعتبارها اللغة المقدسة التي لا يجوز تجاوزها ،إنه ذاكرة حية تؤرخ للفئات المنسية ، الدكتور رشيد العطار  يوضح أن ،هذا الكتاب هو تأسيس لما يمكن ان يأتي فيما بعد لمشروع لجنة او خلية بحث في المثل العامي الاندلسي الأستاذ مصطفى الدحروش وفي قراءته قال:” تمت سؤال يتبادر الى الذهن حول راهنية الكتاب في عصرنا ،ليؤكد على انه اولا ليس كتابا مؤسسا ولكنه ينضاف الى لبنات البحث في مجال المثل الاندلسي خاصة وان من بين الدوافع .

بالنسبة للمولف الدكتور رشيد هي محاولة سد الخصاص في المثل الاندلسي والمساهمة العلمية لتعزيز ما تم انجازه في هذا لمجال بعدما ساد مفهوم اعتبار اللغة العامية تشويها للفصحى وبعدما فرضت النخبة المثقفة الرفعة للمكتوب على الشفاهي ، لتأتي فتوحات الدراسات اللسانية مؤكدة على اهمية الشفوي،  الباحثة الاسبانية الدكتورة “ايسابيل ارياس مورينو” قالت في مشاركتها حفل التقديم ان روابط وجودنا كاندلسيين وكمغاربة تتشعب لتشمل فضاء الامثال والشعر واضافت :”الثقافة الاندلسية ثقافة مشتركة حتى قبل سقوط غرناطة .

ولعل المنظري ابرز مثال حيث عاش هناك وهناك..ولهذا فهمنا كمثقفين هو العمل على عدم فقدان الذاكرة الجماعية للضفتين.وطبعا المثل الاندلسي احد ابواب الاتصال كثراث شعبي ينتقل عبر العصور من الفم الى الفم ويصمد في وجه كل الاعاصير “. .المتدخلة ذكرت بعدد من النساء الاندلسيات الشاعرات اللواتي بصمن وجودهن بشكل ملفت ومشكلن ثورة فكرية باشعارهن طيلة عقود من العصر الاندلسي وما بعده.

أمسية العشق الادبي البارحة كانت راقية بل واجبة امام تسلط الغوغاء والرويبضة على عالم الادب وانتشار ثقافة الفيس بوك ومعها كم هائل من المنشورات السيئة البئيسة ، وجمعية” تراث وحضارة بلادي”المنظمة للحدث تستحق كل التنويه لانفتاحها على الجمال ادبا واكيد ان الغزاوي رحمه الله صاحب المكتبة حيث تمت القراءة (اليوم وقبله) لو كان حاضرا معنا اليوم لاحس مثلنا بنشوة انتصار القراءة على الميوعة .

شكرا للصديق الدكتور العطار رشيد على هذه المتعة على أمل تحقق تلك اللجنة للغوص أعمق في البحث العلمي لتراثنا الشفهي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى