كارثة إسمها قطاع الصحة العمومية بالمغرب

محمد العشيري
دقت الدراسة الأخيرة التي أشرفت على إنجازها الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة ، و نشرتها يومية الصباح الورقية أجراس الإنذار عن قطاع الصحة العومية بالمغرب ، حين كشفت عن وجود أكثر من 95 في المائة من المرضى الذين يتوفرون على تأمين صحي يتوجهون إلى العيادات ومصحات القطاع الخاص رغم ارتفاع أسعار خدماتها، فيما يكاد يكون الحاصلون على بطاقات راميد، “زبناء” المستشفيات العمومية الوحيدين.. 76 في المائة من أصحاب بطاقة “راميد” يتحملون كلفة العلاج، الذي يفترض أن يكون بالمجان .. 40 في المائة هي نسبة استغلال الطاقة الاستيعابية للمستشفيات العمومية التي يوجد 70 في المائة منها في وضع كارثي.. معطيات ضمن أخرى، وقف عليها التقرير الأخير للشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة.
وقف التقرير فإن 70 في المائة من المستشفيات العمومية هي عبارة عن مبان قديمة ومهترئة ومتهالكة، بعضها يفوق أربعين سنة، دون أن يخضع إلى ترميم ، وهناك معطى آخر يزيد من قتامة الوضع داخل المستشفيات العمومية، يتجلى في معدلات انتشار العدوى والفيروسات بين المرضى، “ففي الوقت الذي لا تتعدى نسبته 7 في المائة، على الصعيد الدولي، ترتفع هذه النسبة لتتجاوز 33 في المائة في عدة مستشفيات عمومية، يصاب مرتادوها بأمراض جديدة بمجرد أن يلجوها”.
وهناك إشكال أخر توقفت عنده الدراسة، يكمن في عودة مريبة لعدد من الأمراض التي كانت سجلت بعض التراجع في السنوات الأخيرة، إذ كشفت الشبكة تفشي وانتشار الأمراض الوبائية وارتفاعا”مهولا” في عدد من الأمراض المزمنة غير الوبائية، من قبيل السكري وأمراض القلب والأورام السرطانية، منبهة في سياق متصل إلى عودة غير معلنة لأمراض الفقر والأوبئة التي سبق وأن تم القضاء عليها في نهاية التسعينات من القرن الماضي كمرض الجذام.
المؤشرات الكلاسيكية المتعلقة بمعدل وفيات الأمهات الحوامل والأطفال دون سن الخامسة ومعدلات الأمراض المتعلقة بالسل وفيروس الكبد، هي الأخرى عرفت ارتفاعا مقلقا، تضيف الدراسة، “فرغم الخطاب التبشيري والشعارات الكبرى وجلسات الاستماع والمناظرة الوطنية “الثانية” للصحة، لم تتمكن الحكومة من إخراج القطاع من أزمته المتعددة الأبعاد والمتناقضة المظاهر، ولا تلبية احتياجات الناس في الولوج إلى العلاج، بل حتى لم تستطع تحقيق عدالة صحية سواء للطبقات المتوسطة أو للمحرومين من الفقراء والأشخاص ذوي الإعاقة وذوي الاحتياجات الخاصة .
وخلص التقرير أنه لا شيء أصبح بالمجان بالمستشفيات العمومية ، بداية من الأدوية والمستلزمات الطبية بالإضافة إلى الأشعة التي يطلبها الطبيب، كلها خدمات، صار كل وافد على المستشفى ملزما بدفع مبالغ مالية مقابل الاستفادة منها، عكس ما تروج له وزارة الصحة التي تؤكد أن هذه العلاجات تتم على نفقات الدولة، فيما واقع الحال يبرز كيف أن المريض مضطر إلى شراء حتى الحقنة و السيروم ، من خارج المستشفى، والأغرب أن بعض الأدوية تباع بالمستشفيات عبر طرق خاصة .
و يقول التقرير أن 70 في المائة من المرضى يجابهون المصاريف الكارثية للصحة، التي يمكن أن تتسبب في تفقيرهم، بينهم من يتمتعون بتأمين صحي لدى صناديق التأمين الإجباري عن المرض، من قبيل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، ويصطدمون برسم إجباري حدد في 20 في المائة وانتقل إلى34 في المائة من تكلفة العلاج.