كتاب و آراء

المغرب بلد غني.. هي حقيقة أم ضرب من الخيال 

عندما تنعدم الشفافية في تسير شؤون البلا د و يتم اتخاذ القرارات في الكواليس دون مشاركة فعلية للمواطن تفقد المؤسسات الرسمية مصداقيتها و تنعدم التقة بين الواطن و المؤسسات الرسمية و تتراجع قيمة النخب الفكرية قي علاقته مع المجتمع . يصبح الاعلام آلية دعائية تخدم مصالح طبقة محدود ويطفو الى السطح أشباه المثقفين يدافعون عن الوضع القائم و يتزايدون بحقهم للوطن و من يخالفهم في الرأي يصبح عميلا. هذا الوضع يخلق مجالا خصبا للانتشار الإشاعات و الأخبار الكاذبة التي يروجها من جميع المنابر. 
هذه الوضعية تنطبق على المغرب.لمدة طويلة يتم الترويج لإشعاعات و اخبار غير صحيحة و يتم تداوله بين أفراد المتجمع دون احراج. المخزن يحاول إقناع المواطنين ان المغرب بلد استنائي في الوطن العربي و قوة لها تأثير في المنظومة العالمية و ان المغرب اجمل بلد في العالم .لكن الإشاعة اكثر انتشارا و ترددها الأغلبية هو ان المغرب بلد غني و المشكلة هي سوء تدبير ثروات البلاد.هذه معلومة تأتي على لسان كل مغربي لنرى مدا مصداقيتها اعتمادا على المعطيات و الأرقام المتوفرة.
كثيرا ما نسمع ان المغرب بلد غني بثرواته الطبيعية و ان الأزمة التي يعيشها المغرب هي نتيجة سوء استغلال هذه الثروة. ما يقصد به هنا هو الفوسفاط و الثروة السمكية.المشكلة في هذه الاطروحة ان كل الدول التي يعتمد اقتصادها غلى استغلال الموارد الطبيعية تعاني من نفس المشكل و يكون اقتصادها هش و غير مهيكل .
السبب هو ان القيمة المُضافة من استخراج الموارد الطبيعية ضعيفة جدة. بلغة الأرقام كشفت بيانات شركة “ماركيت رياليست” للأبحاث المالية، أن سعر الفوسفاط المغربي في السوق سجل تراجعا ملحوظا في السوق الدولية إلى اقل من 400 دولارا للطن، أي ما يعادل حوالي 3800 درهما. و اذا اخذنا بعين الاعتبار تكلفة استخراج طن من الفوسفاط و نقله فان القيمة المتبقية سكون اقل من النصف بكثير. و اذا قارنا طن من الفسفاط مع منتوج اخر كالهاتف الذكي سنلاحظ ان أيفون الذي يتم نقله في الجيب يكلف 2900 درهم و يباع في الاسواق بتلاثة أضعاف هذا المبلغ. نفس المشكلة بالنسبة لقطاع الفلاحة ، هناك من يشتغل سنة كاملة مقابل مبلغ غير كافي لاقتناء هاتف واحد. كم من أطنان البطاطس و البصل تكفي لاقتناء طيارة واحدة من نوع بونغ 777 الذي يقدر ثمنها ب$261.5 مليون دولار ، كم من أطنان الفسفاط و السمك ستكفي لشراء F16. اذا اخذنا بعين الاعتبار ثمن الفوسفاط ثمن كل طائرة يعادل 70 الف طن من الفوسفاط.
الاقتصاد الذي يعتمد على الموارد الطبيعية من استخراج المعادن و الفلاحة هو اقتصاد ذو قيمة مضافة ضعيفة. كما ان استخراج المعادن و الاستغلال المبالغ لهذه الموارد تكون له انعكاسات سلبية على البيئة و المناخ على المدى البعيد. كما هذه البنية الاقتصادية تنج عنها تمركز الموارد في يد الدولة المركزية و تنتشر عقلية التآكل و الاعتماد على القطاع العام بشكل كلي و تغيب المبادرة الشخصية مما يجعل اي محاولة الإصلاح الديمقر اطية صعبة المنال . حيث تستخدم الأنظمة هذه عائداته لشراء الولاءات لترسيخ سلطتها، والحيلولة دون حدوث إصلاحات ديمقراطية.انها كم يصفها الخبراء “العنة الموارد الطبيعية”
المغرب كباقي الدول التي تعتمد على الموارد الغير المتجددة يعاني من لعنة الموارد الطبيعية. هذه اللعنة تصف بها الدول التي تعتمد على على الموارد الطبيعية، (دول الخليج) في اقتصادها تتجاهل اي محاولة في تطوير و استغلال الرأس المال البشري و تصبح البنية الاقتصادية تعتمد على الريع . هذه البنية الاقتصادية لا تشجع المواطن على المشاركة الإيجابية و القيام بواجبه كمواطن في تسير شؤون البلاد و ينحصر طموحه في المطالبة بنصيبه من الكعكة . داخل هذه تغيب سياسة واضحة و استراتجية لتنمية ا الرأس المال البشري و غيب الإبداع و يتراجع مستوى التعليم و يتفشى الفساد و تفقد مؤسسات الدولة مصدقيتها
فقط لتكون الصورة واظحة مبيعات المغرب نحو 30 مليون طن من الفسفاط بقيمة 47.74 مليار درهم ، 16% هو ما تبقى منها بعد حساب تكاليف و مصاريف الاستخراج (صافي الأرباح 8.01 مليار درهم).اكثر من نصف هذا المبلغ يصرف في تكليف الاستخراج هذه الكميات الضخمة . كما ان المكتب يقوم بالاستثمار في الاَلات و البنية التحتية ،ما سيتبقى في النهاية سوى الفتات. هذه حقيقة بلغة الأرقام و تنطبق على اغلب القطاعات الاخرى من فلاحة و صيد الأسماك.
الناتج الاجمالي الخام للمغرب خلال 2016 يقدر 104 مليار دولار هدا الرقم يساوي تقريبا مداخل شركة واحدة مثل google التي تقدر ب 90 مليار دولار. الانتاج الاجمالي الخام للمغرب يساوي نصف مبيعات شركة أبل التي تقدر ب 220 مليار دولارخل 2016 . و هناك شركات كثيرة تنتج كل واحدة ما يعادل الناتج الاجمالي للمغرب . مع العلم ان مداخيل الدولة اقل بكثير من الناتج الخام فهي ( للمداخيل ) المحدودة تصرف على قطاعات فاشلة كالتعليم و الصحة و ماتبقاش في تقية جهاز الأمن .
الهذف من نشر هذه المعلومات ليس لتبرير الوضع الحالي كما انه لا يعني ان الدولة بريئة من الحالة التي آلت اليه الاوضاع . فالحكومات السابقة بسياساتها الفاشلة مسؤولة على الوضع. في نفس القول بان المغرب بلد غني و ان عائدات الفوسفاط و السمك تكفي لسد حاجيات المغرب معلومة خاطئة وغير
مبنية على أساس.
يجب التعاطي مع مشاكل بالبلاد بنوع من العلمية و المنطق بدون مزايدات ،المغرب بلد فقير و موارده المالية محدودة . لتجاوز هذه الأزمة التي يعيشها يتطلب عملا جبار لمحاربة الفساد و العمل لإعادة هيكلة الاقتصار و التفكير في طرق لجب الاستثمارات و النهوض بقطاع التعليم. اما من يطالب بتوزيع مداخل الفسفاط فهو يدعو الى الخمول ويشجع عقلية الريع، يكفي ان نأخد العبرة من دول الخليج.

 

 جمال آيت حمو 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى